شرعية التحزب والتشيع ليس على المسلم من حرج لو تشيع لأبي بكر أو لعمر أو لعثمان أو لمعاوية أو لمروان بن الحكم، أو حتى ليزيد بن معاوية، أو لسالم مولى أبي حذيفة، أو لأبي حنيفة أو الشافعي أو مالك أو ابن حنبل أو لأية شخصية بارزة، أو شخص عادي، فلا يلام المسلم على هذا التشيع أو التحزب. وقد أثبتنا في الفصول السابقة أنه كان لكل واحد ممن ذكرنا شيعة خاصة به، ترى فضله وتفوقه، وتعمل على دعمه لكن ليس مباحا " ولا مشروعا " لأي واحد من المسلمين أن يتشيع لعلي بن أبي طالب، أو ابنه الإمام الحسين أو ابنه الإمام علي، أو ابنه محمد الباقر، أو ابنه جعفر الصادق أو أية شخصية من شخصيات أهل بيت النبوة، لأن التشيع لأي إمام من أئمة أهل بيت النبوة يؤدي إلى تفريق المسلمين، وتشتيت جماعتهم! ويقع المحظور نفسه في حالة التشيع لأي عالم أو فقيه من شيعتهم.
وعلى مستوى الفئات والجماعات، يمكن للمسلم، وبكل احترام، أن يتشيع لبني تيم، أو لبني عدي، أو لبني أمية، أو لبني مخزوم أو لأي بطن من بطون قريش، أو لأية قبيلة من قبائل العرب أو العجم ولكن من غير الجائز، حسب شريعة دولة الخلافة، أن يتحزب المسلم أو يتشيع لأهل بيت النبوة، أو لبني هاشم، لأن هذا التحزب أو التشيع لهؤلاء، شق لعصا الطاعة، وتفريق للجمعة والجماعة! ولقد تكرست هذه المفاهيم في أذهان العامة والخاصة، وتوارثوها كما يتوارثون المتاع، ولعمري إن هذا الدليل قاطع على عبقرية كيد خلفاء البطون وعظمته، فهم الذين أسسوا قواعد منهاجهم التربوي والتعليمي!
ولم يختلف الأمر في العصر الحديث، فمن حق أي مسلم - أي مواطن - أن يتشيع لهذا الحاكم أو ذاك، لهذا العالم أو ذاك، لهذا المفكر أو ذاك. يمكن للمواطن أن يتشيع، أو يتحزب، لكارل ماركس، أو لميشيل عفلق، أو لأنطوان سعادة، أو لحسن البنا، أو لتقي الدين النبهاني، أو لابن تيمية، أو لمحمد عبد الوهاب، وأن ينشر أفكاره، فلا تثريب عليه، لأنه مواطن حر في بلد حر، ولأن الناس يعيشون حياة ديمقراطية، وينصحون بالحرية، ولكن محظور على أي مسلم