والمنطق واللسان فقال: (نحن أولى بالنبي حيا " وميتا "، لقد احتججتم على الأنصار بالقرابة من رسول الله وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار؟! فماذا كان جواب البطون؟ قالوا: بايع. فقال: إن لم أفعل فمه؟ قالوا: إذا " والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك؟ فدهش الإمام، وقال: تقتلون عبد الله وأخا رسوله؟
فكرروا تهديدهم. فالتحق الإمام بقبر النبي شاكيا " بشكوى هارون: (قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) [الأعراف / 150]. والتحق الإمام علي ببيته، وبينما كان يجلس ومعه زوجته، ابنة النبي فاطمة الزهراء، وابناه، سبطا النبي الحسن والحسين، فوجئوا بسرية من جيش الخليفة تحيط بالبيت المبارك إحاطة السوار بالمعصم وتجمع الحطب لتحرقه على من فيه وهم أحياء! وفيه علي ولي الله بالنص! وفيه فاطمة سيد نساء العالمين بالنص! وفيه الحسن والحسين سبطا النبي والإمامان وسيدا شباب أهل الجنة بالنص!
وصاح عمر بن الخطاب: اخرجوا وبايعوا وإلا حرقنا عليكم داركم! إذا كانت هذه هي معاملة دولة البطون لابن عم النبي ولابنته ولسبطيه فكيف تكون معاملتها للأشخاص العاديين من المسلمين!؟ إذا كانت هذه هي معاملتها للمعارضة في العصر الذهبي فكيف تكون معاملتها للمعارضة في عصرها الحجري!؟ أين سعد بن عبادة؟ ومن قتله؟ أين مالك بن نويرة؟ ومن قتله؟ أليس سعد هو سيد الخزرج وحامل لواء الأنصار في كل زحف؟ أليس هو الصحابي الجليل الذي لم يخذل رسول الله قط؟ أليس مالك بن نويرة هو الأمير الذي عينه الرسول على قومه، ومات هو على إمارته وهو الصحابي الجليل؟ لماذا قتل سعد، ولماذا قتل مالك؟ قتلا لأنهما معارضة تلكأت عن بيعة خليفة البطون! وفي عهد معاوية فرض على رعيته مسبة علي بن أبي طالب وحكم بالموت وهدم دار من أحبه أو والاه، وفي عهد يزيد ابنه هدم الكعبة التي التجأت إليها المعارضة، وفي زمن المتوكل على الله حرم على الناس أن يعينوا أهل بيت محمد، وحرم على أهل بيت محمد أن يتسولوا. يريدهم أن يموتوا جوعا " لأنهم معارضة. وأعظم من ذلك فإن الخليفة المتوكل هدم ضريح الحسين لأنه معارضة!