رأى أن رسول الله استخلف عليا " بن أبي طالب ونص عليه إماما " ووليا " وخليفة ومرجعا " وقائدا " للمسلمين ورئيسا " لهم من بعده وأن الخلافة منحصرة بالأئمة بذرية النبي من صلب علي، وأن الله تعالى قد أعد هؤلاء الأئمة وأهلهم ليكون كل واحد منهم هو الأعلم والأفهم والأتقى والأقرب وأفضل الموجودين في زمانه، بحيث يكون مؤهلا " للقيام بالوظائف التي كان يقوم بها النبي حال حياته، لأن منصب الرئاسة العامة منصب (إلهي) من جميع الوجوه، ولا يعلم بتوافر صفات الأعلم والأفهم والأتقى والأفضل إلا الله تعالى. ومن هنا أمر الله رسوله بأن يعلن للمسلمين اختياره تعالى للأئمة من بعد النبي.
نقاش مقولة موت الرسول من دون أن يستخلف!
أصر الفريق الأول (بطون قريش ومن والاها) على أن الرسول قد انتقل إلى جوار ربه ولم يستخلف. وعند ما قبض رجالات البطون على السلطة استخلفوا، فلم يمت خليفة من خلفائهم قط إلا واستخلف لأنهم قدروا - وهم على حق - أن موت الحاكم أو الرئيس العام من دون أن يحدد من سيخلفه تفريط وتضييع للأمانة على حد تعبير عبد الله بن عمر، وترك الأمة هملا " وعرضة للفتن على حد تعبير أم المؤمنين عائشة! وتلك شهادة منهم على أنفسهم وحجة للفريق الثاني، لأن الرسول أبعد نظرا " وأعرف بعواقب الأمور منهم، ومن المستحيل ألا يدرك ما أدركوه! وكل هذا يعني أن الرسول قد استخلف بالفعل ولم يترك أمته من دون راع كما زعموا! ثم إن الرئاسة العامة للمسلمين من بعد وفاة النبي هي الأهم، لأنها الراعية والمرشدة لمسيرتي الدعوة والدولة الإسلامية وعدم بيان الرئيس العام للمسلمين من بعد وفاة النبي يناقض تماما " كمال الدين وتمام النعمة الثابت بالنص وبالروح العامة للشريعة وبمقتضيات الإيمان.
انتصار الفريق الأول بالكثرة والقوة والتغلب والقهر فرض المنتصرون من بطون قريش وحلفائها اجتهادهم ورأيهم على الدين، وعلى أهل بيت النبوة، وعلى الأمة وصارت البطون هي الحاكمة والحكم في الوقت نفسه، وقامت دولتها لتخلف دولة النبي،