في فضل عثمان، وليكتفوا بما تجمع من الروايات. وأمرهم بأن يقربوا مجلس الذين يروون في فضائل الصحابة مجتمعين ومنفردين ويغدقوا العطايا والصلات والمنح والإقطاعات عليهم وطمعا " في ثواب معاوية ورضاه وأمواله انشقت الأرض فجأة عن آلاف الرواة الذين جعلوا للصحابة فضائل لا تعد ولا تحصى، وجعلوا للصحابة مجتمعين فضائل تساوي فضائل الأنبياء والشهداء والصديقين أو تفوقها واستندت هذه الفضائل إلى أحاديث أسندها الرواة إلى رسول الله، فأصبح كل واحد من الصحابة مرجعا " قائما " بذاته، واختلقوا على الرسول قولا " مفاده:
(أصحابي كالنجوم بأيهم اهتديتم اقتديتم!!) وهكذا صار للأمة تسعمئة ألف نجم، ويمكن للأمة أن تنقسم إلى تسعمئة ألف قسم، لتسير في تسعمئة ألف اتجاه. ومع هذا تكون مهتدية! ومرة أخرى، تكلفت وسائل إعلام الدولة بنشر هذه المرويات، وتعميمها على الناس حتى استوعبها الجميع وصارت عقيدة لكل أفراد الأمة، مع أن الأكثرية الساحقة من هذه الأحاديث مختلفة ولا أساس لها من الصحة إطلاقا "، ومعاوية وولاته يعلمون ذلك ويدعمونه! قال ابن عرفة، المعروف بنفطويه، وهو من أكابر المحدثين: (إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا " إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم) (1).
3 - واستكمالا " لبناء عقيدة دولة البطون، وتوضيحا " للهدف من اختلاق نظرية عدالة جميع الصحابة، وبعد أن تأكد معاوية وأركان دولته أن بحار الروايات الكاذبة في فضل عثمان والخلفاء والصحابة والتي اختلقوها على رسول الله قد غمرت المجتمع، وأروت الأرض، وأن الناس جميعا " حفظوها واستوعبوها، واقتنعوا بها أو تظاهروا بالاقتناع، أدرك معاوية أن نظرية عدالة جميع الصحابة صارت بالفعل عقيدة رسمية للأمة وأن الصحابة مجتمعين قد صاروا مرجعية بديلة من مرجعية أهل بيت النبوة، وصار كل واحد من الصحابة له القيمة نفسها التي أعطاها النبي لإمام أهل بيت النبوة! عندئذ أدرك معاوية أن الحلقة لن تكتمل إلا إذا مزق رداء الهيبة والقداسة الذي خلعه الشارع الحكيم على إمام الأمة علي بن