في جهدهم الحثيث لإيجاد نظرية تحجم أهل بيت النبوة وتضفي الشرعية على حكم خلفاء البطون. ولا شك في أن معاوية كغيره من قادة البطون قد استشعر وهن النظريات التي اخترعوها كنظرية القرابة، ونظرية التخلية ونظرية الشورى.. الخ فلم يعد في الأرض مجنون واحد يمكنه أن يصدق بأن بني تيم وبني عدي وبني أمية أقرب إلى النبي من بني هاشم، وأن الخلفاء الثلاثة أقرب إلى النبي من ابن عمه ووالد سبطيه وزوج ابنته علي بن أبي طالب، مما يجعل من نظرية القرابة استهتارا " بالعقل واستغفالا " للناس. وهكذا بقيت النظريات التي اخترعوها. ومن هنا صمم قادة البطون، بقيادة معاوية، على إيجاد عقيدة تدعم حكمهم وتدمر إلى الأبد تميز أهل بيت النبوة، وصمموا على فرضها ورعايتها بكل قوتهم وسلطانهم، وإضفاء الطابع الديني عليها وجعلها عقيدة عامة لكل رعايا دولة البطون، وهذا ما فعله معاوية; إذ جند دولته وولاة أقاليمه، وكل سلطان ووسائل إعلامه لنشر نظرية عدالة جميع الصحابة وفرضها على العامة والخاصة، وقاد بنفسه حملة كبرى لوضع الأحاديث على رسول الله واختلاقها وإقناع الناس بأنها صحيحة، وأن محمدا " قد قالها بالفعل وصولا " إلى خلط الأوراق، وتصوير نظرية عدالة الصحابة بأنها جزء لا يتجزأ من الحديث إن لم تكن الدين نفسه! وجعل من قتل عثمان ومن شعار المطالبة بثأره ومعاقبة قتلته المناسبة لنشر هذه العقيدة. فأصدر سلسلة من (المراسيم الملكية) لكافة عماله وأمرهم بتنفيذ عدة أمور منها:
1 - أن يقدموا العطايا والصلات ويمنحوا المنح والإقطاعات وأن يقربوا كل من يروي في فضائل عثمان والخلفاء، فتسابق الناس على الرواية في فضل الخلفاء وفضائل عثمان بخاصة وتكفلت وسائل إعلام دولته بنشر هذه المرويات وتصميمها على الناس حتى استوعبها الجميع: الخاصة والعامة، الرجال والنساء، السادة والعبيد، الكبار والصغار، ووضعت هذه المرويات الخلفاء بعامة وعثمان بخاصة في موضع لا يدانيه الملائكة المقربون، ولا الأنبياء المرسلون!
2 - لما وصلت تلك الروايات إلى حد الإشباع والاستيعاب، وفاقت حدود التصور والتصديق، أمر معاوية جميع عماله في مختلف الأقاليم، أن يوقفوا الرواية