تظاهروا بالإسلام، فعفا عنهم النبي، وسماهم بالطلقاء، وجعلهم من المؤلفة قلوبهم. ويلوح لي أن البطن الأموي، ومنه معاوية وأبوه، برأوا ساحة النبي من قتل (الأحبة) وعصموا دماءهم بعلي بن أبي طالب وذريته. ولما نجحت البطون بالاستيلاء على السلطة، ورغبة في عزل البيت الهاشمي والانفراد به عين الخليفة الأول يزيد بن أبي سفيان قائدا " لجيوش الشام، ويزيد هذا كأخيه طليق وابن طليق ومن المؤلفة قلوبهم، وعندما مات يزيد حل محله معاوية، وفي وقت طال أم قصر صار معاوية واليا " لبلاد الشام كلها، وهي درة ملك خلافة البطون، ومات الخليفة الأول ومعاوية على ولايته، وجاء الثاني وقتل، وهو على ولايته يجمع من الأموال ما يشاء، ويصرف منها ما يشاء من دون حسيب أو رقيب. وجاء الخليفة الثالث، وهو دنف بهوى الأمويين لأنه أموي، لذلك جعل الأمويين بطانة له، وسلمهم مقاليد أمور الدولة عمليا ". خلال هذه الآونة الطويلة توطد أمر معاوية وتألق نجمه.
وفي عهد عثمان أصبح معاوية ملكا " حقيقيا " على أعظم ولاية من ولايات دولة البطون الكبرى، ولكنه ملك غير معلن، ولما قتل الخليفة الثالث، وآلت الأمور إلى علي بن أبي طالب قاتل الأحبة جن جنون البطون، وأصحاب الامتيازات والمنافقين. فنهد معاوية وصمم على مواجهة الإمام علي وعلى قيادة الجموع الحاقدة على آل محمد وأهل بيته، ولكن تحت خيمة الإسلام فرفع شعار (معاقبة قتلة الخليفة عثمان) وكان قد أعد واستعد لهذه المواجهة، واختياره واليا " لأعظم الولايات الإسلامية وإطلاق يده في ولايته هو من قبيل إعداد الخلفاء لهذا الرجل، وتجهيل معاوية لأهل الشام وجمعه الأموال الطائلة وتجنيده إياهم هو من قبيل الأعداد.
كان سكان ولاية بلاد الشام يجهلون الدين وتاريخه وبناته، ولا يعرفون من ذلك إلا القشور التي ألقاها لهم معاوية، وكانوا بمثابة جند مجندة له يأمرهم فيطيعوا ويمكن أن يصلي الجمعة فيهم يوم الأربعاء كما فعل! لقد كان معاوية موضع ثقة الخلفاء الثلاثة ورجلهم الذي أعدوه لمواجهة (طموحات وطمع أهل بيت النبوة بالرئاسة). وليس من المستبعد أنهم قد استفادوا من دهاء معاوية وذكائه