باطلة لما روتها ولما تدينت بها، وظلت هذه التركة تنتقل من جيل إلى جيل حتى وصلتنا فتقبلناها بأنبائها ومن دون شك، لأنها استجابت لميولنا التي تحب البطولة والعظمة، والتي تفترض القداسة في أولئك العظماء الذين تجمعوا حول النبي وقهروا الدولتين الأعظم! ومن هنا صارت هذه النظرية جزءا " لا يتجزأ من الدين تقرأ معه! ويتعبد بها الناس على هذا الأساس المفروض أصلا " بقوة الدولة الغالبة!
ه - مفهوم معاوية ل (الصحابة) نتيجة روايات طواقم رواة معاوية وولاته، ونتيجة دولة البطون لهذه المرويات، واعتبارها منهاجا " تربويا " وتعليميا " للدولة وجزءا " من قوانينها النافذة كما بينا، تكونت نظرية عدالة جميع الصحابة، وألقت أجرانها في الأرض، وصورها معاوية وأولياؤه كأنها جزء من الدين. ومع ضغط وسائل أعلام الدولة وسيطرتها التامة على مناهج التربية والتعليم، وسطوتها الاقتصادية، ونفوذها القوي ألقي في روع العامة أن هذه النظرية بالفعل جزء لا يتجزأ من الدين. وعلى فرض أن بعض الخاصة قد اكتشفت زيف هذا التصور، فهو غير قادر على الجهر باكتشافه لأنه في هذه الحالة سيدخل في مواجهة دولة لا قبل له بها، ثم إنه ليس بوسع معلم المدرسة إلا تدريس الكتاب الذي قررته الدولة! وليس بوسع القاضي إلا أن يطبق القانون الذي وضعته الدولة، وليس بوسع الوالي إلا أن يلتزم بتوجه الدولة. ووفق هذا التصور صار التعريف العام للصحابي كما يلي: (من لقي النبي مؤمنا " به ومات على الإسلام) ويدخل في هذا التعريف: 1 - من طالت مجالسته للنبي أو قصرت، 2 - من روى عنه أو لم يرو، 3 - من غزا معه أو لم يغز، 4 - من رآه ولم يجالسه، 5 - من لم يره لعارض، 6 - الجن الذي سمعوا النبي صحابة أيضا " والمنافقون الذين قالوا: آمنا وهم لا يؤمنون وهم الذين تظاهروا بالإسلام وأبطنوا الكفر والعصيان هم صحابة أيضا "، لأن العبرة تكمن بالإسلام أو التظاهر به ومجالسة النبي أو سماعه، أو رؤيته. وإذا عرفت أن النبي لم ينتقل إلى جوار ربه، وفي الجزيرة إنسان واحد يجهر بشركه، لعلمت أن جميع أفراد الشعب كانوا، وفق هذا المفهوم، صحابة!
وهذا يشمل المنافقين الذين تظاهروا بالإسلام والإيمان والمجرمين الذين أقام