رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعده رد الحكم بعد أن فاوضه في ذلك، إن كان هذا الوعد صحيحا فلم لم يعلم به أحد غيره؟ ولا عرفه الشيخان وهلا رواه لهما حين كلمهما في رده فجبهاه بما عرفت؟ أو أنهما لم يثقا بتلك الرواية؟ فهذه مشكلة أخرى. أو أنهما صدقاه؟ غير أنهما رأيا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعده أن يرده هو صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرده، ولعل المصلحة الواقعية أو الظروف لم تساعده على إنجاز الوعد حتى قضى نحبه، فمن أين عرف الترخيص له في رده؟ ولو كانت هناك شبهة رخصة لعمل بها الشيخان حين فاوضهما هو في ذلك، لكنهما ما عرفا الشبهة ولا علما تلميحا للرخصة بل رأياه عقدة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا تنحل، وفي الملل والنحل للشهرستاني (1): فما أجابا إلى ذلك ونفاه عمر من مقامه باليمن أربعين فرسخا. انتهى. ومن هنا رأى ابن عبد ربه في العقد (2) وأبو الفدا في تاريخه (3) أن الحكم طريد رسول الله وطريد أبي بكر وعمر أيضا، وكذلك الصحابة كلهم ما عرفوا مساغا لرد الرجل وأبنائه، وإلا لما نقموا به عليه ولعذروه على ما ارتكبه وفيهم من لا تخفى عليه مواعيد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وللخليفة معذرة أخرى، قال ابن عبد ربه في العقد الفريد: لما رد عثمان الحكم طريد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطريد أبي بكر وعمر إلى المدينة تكلم