وإشاعة فكرة عدالتهم جميعا ما هو إلا لغلق الباب في وجه كل من ينتقد بعض الصحابة الذين عملوا على إبعاد الخلافة عن أصحابها الشرعيين، وهكذا فإن الكثيرين من أهل السنة يرفضون جميع الأدلة الدامغة بأحقية أهل البيت عليهم السلام بإمامة المسلمين لا لشئ إلا لاعتقادهم بعدالة جميع الصحابة وهم لذلك يحملون أي تصرف قاموا به على الصحة.
وأما الذين عملوا على بث هذه الفكرة الخاطئة فهو لأنهم كانوا يرون بالأئمة من أهل البيت عليهم السلام خطرا يهدد عروشهم، لعلمهم ما لهؤلاء حقا في ذلك، فكان لا بد من محاولة إضفاء نوعا من التعتيم والفوضى على الأحاديث والآيات التي تظهر مكانتهم وفي نفس الوقت رفعهم لمكانة جميع الصحابة حتى لا يكون للأئمة من أهل البيت تلك الميزة التي أهلتهم ليكونوا موضع اختيار الله عز وجل لإمامة أمة الإسلام بعد رحيل المصطفى صلى الله عليه وآله.
وهكذا، فإن الحديث المزعوم والقائل بنجومية جميع الصحابة الذي مر قد اقتبست ألفاظه ومعانيه من حديث الرسول صلى الله عليه وآله:
" النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب، اختلفوا فصاروا حزب إبليس " (1).
وقد كان من أهم الآثار السلبية التي تمخضت نتيجة للاعتقاد بعدالة جميع الصحابة هو وجود ذلك الكم الهائل من الروايات الغثة في كتب الحديث كالإسرائيليات والمسيحيات وغير ذلك من الخرافات مما يتخذ مطاعن على دين الإسلام، ذلك أن تلك الروايات قد أخذت محل القبول والتصديق لمجرد أنها رويت عن الصحابة بالرغم من كل ما يحتمل عليهم فعله كما بينا ذلك من خلال الروايات العديدة السابقة.