وبالرغم من أن أهل السنة لا يقولون صراحة بعصمة جميع الصحابة، إلا أن من يزعم صحة هذه الرواية فإنه لا بد وأن يعتقد بعصمتهم جميعا لأنه ليس من الممكن أن يأمر الرسول صلى الله عليه وآله بالاقتداء مطلقا دون أي قيد أو شرط - كما توحي هذه الرواية المزعومة - بمن يحتمل فعله لمعصيته.
وهكذا، فإن الروايات السابقة والتي تجعل عدالة الكثير من الصحابة محل نظر وتأمل إنما هي في غالبها بشأن من طالت صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله، فما بالك إذن بعدالة من سموا بالصحابة لمجرد رؤيتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله ولو للحظة واحدة؟؟ ولماذا يا ترى هذه المبالغة؟ وهل العدالة أو التقوى تكتسب لمجرد رؤية الرسول صلى الله عليه وآله ولو لحظة أم بالطاعة والاقتداء بما أمر به الرسول صلى الله عليه وآله بحسن نية وإخلاص؟؟
ولعل هذا التناقض الذي يأباه العقل السليم والفطرة البشرية يتضح بأجلى صورة بتفضيل بعض علماء المسلمين من أهل السنة كابن تيمية لمعاوية بن أبي سفيان على الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز لا لشئ إلا لأن معاوية كان صحابي وعمر تابعي، وذلك بالرغم مما اشتهر به عمر بن عبد العزيز بالتقوى والعدل على عكس معاوية الذي اشتهر بإحداثه الفتنة الكبرى بين المسلمين في صفين وخروجه على أمير المؤمنين علي عليه السلام كما مر سابقا، وإضافة لما اشتهر به عمر بن عبد العزيز بأنه الخليفة الراشدي الخامس عند أهل السنة، وهذا بحد ذاته يدل على عدم رشد معاوية، وبالتالي عدم لزوم رشد أحد بمجرد صحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله.
ومن المفيد أن نتساءل في هذا المقام، أيهما أعلى درجة: من آمن بالرسول صلى الله عليه وآله بعد أن رأى عشرات المعجزات السماوية بأم عينيه، أم الذي آمن بالإسلام دون أن يرى أي منها؟؟
والحقيقة إنني لم أرى تفسيرا لهذه المبالغة بدرجة تقوى الصحابة،