بما عندهم من القرآن وجوزوا لأنفسهم العدول عن كلام النبي صلى الله عليه وآله وهو في حال المرض، وكأنهم قد نسوا ما قاله جل وعلا في حق نبيه الكريم: ﴿وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى﴾ (١) والآية ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه. وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ (٢) وكذلك الآية: ﴿إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون﴾ (3)) (4).
وقد وصف ابن عباس ذلك الموقف خير وصف عندما قال: " إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم ".
ورغم كل ذلك، وبناء على ما رواه ابن عباس وأخرجه البخاري في صحيحه فإن الرسول (ص) ما مات إلا وقد أوصى: "... فقال:
دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه، وأوصاهم بثلاث، قال:
أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة، أو قال فنسيتها " (5)!!، ومن المؤكد أن الرسول صلى الله عليه وآله قد نطق بهذه الوصايا بحضور أهل بيته وبعض أقاربه والذين كان عبد الله بن عباس (ابن عمه) واحدا منهم، وذلك في أحد الأيام الأربعة التي تلت يرم الرزية " رزية يوم الخميس ". ولكن الغريب، أن (الوصية الثالثة) وعلى ذمة البخاري أن ابن عباس لم يشأ أن يذكرها، وعلى كل حال، فإن الشيعة ومما روي من طريق أهل البيت عليهم السلام ذكروا أن الوصية المنسية أو المسكوت عنها هي استخلاف علي عليه السلام.