في نظر هذه الدول والمؤسسات، خارج عن الحق، يستحق التأديب بواسطة الأساطيل أو السجون، أو بالتجويع تارة وبالتخويف تارة أخرى.
وبالنظر إلى مسيرة الشعوب في عصرنا هذا، نجد للوثنية أعلاما، وهذه الوثنية استترت وراء التقدم العلمي والاختراعات الحديثة، وقد يكون التقدم مفيدا في عالم المادة، ولكن إذا كان للدنيا عمل، فلا بد أن يستقيم هذا العمل مع الزاد الفطري، ولقد ذم القرآن الكريم الذين لا يذعنون بيوم الحساب، ويعملون للدنيا بسلوكهم الطريق الذي يغذي التمتع بالدنيا المادية فحسب، قال تعالى:
(ألا لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون) (هود: 18 - 19)، فالآية فسرت من هم الظالمون، وبينت أنهم الذين يصدون عن الدين الحق ولا يتبعون ملة الفطرة، وبالآخرة هم كافرون، وهذه الوثنية لها جماعاتها ومؤسساتها وبنوكها التي تمول مخططاتها.
وبالنظر إلى مسيرة بني إسرائيل، نجد أنها أنتجت في عصرنا الحاضر عنكبوتا ضخما تختفي وراء خيوطه العديد من مؤسسات الظلم والجور، التي تعمل على امتداد التاريخ من أجل تغذية الأمل، الذي حلم به بنو إسرائيل ليلا طويلا، وهو مملكة داود، وعاء العهد الإبراهيمي، وراء هذه الخيوط تختفي جمعيات مسيحية تعمل من أجل ذات الهدف، نظرا لأن المسيحية الحاضرة خرجت من تحت عباءة بولس، الذي ادعى أنه أوحي إليه، وهو لم ير المسيح، ولم يكن من تلاميذه، ولقد وضعه القرآن وأمثاله تحت سقف الظلم، في قوله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) (الأنعام: 93)، وهذه الجمعيات التي تعمل ظاهرة أو من وراء ستار، لها مؤسساتها وبنوكها وأساطيلها التي تمول وتحمي مخططاتها وأهدافها.
وبالنظر إلى المسيرة الخاتمة، نجد أن الظالمين فيها قد أخذوا بذيول الذين من قبلهم واتبعوهم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، ومن اتبع أحدا يصل معه إلى حيث يصل، وما الله بظلام للعبيد.