الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١١٤
الله ورسوله ولم يتدبروا في معجزة الناقة كفرت ثمود. وفي عالم الكفر والظلام.
ركبت ثمود دواب المسرفين كي يصلوا بها إلى خيمة الآباء العتيقة في معسكر الشذوذ والانحراف، وبينما هم في رحلة الانحراف اتخذت ثمود أخطر قراراتها.
ألا وهو قرار قتل الناقة! الناقة التي تساعدهم كي يستغفروا، وتساعدهم كي لا يقعوا في بحور الفتن، وتدفعهم دفعا في اتجاه المبعوث فيهم. وبقرار ثمود قتل الناقة، يكونون قد دخلوا في حرب مع الله، لأن على الناقة تحذير، وهذا التحذير نقله إليهم صالح عليه السلام: (يا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب) (64) (قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم) (65). لقد كانت الناقة لهم امتحان كما في قوله تعالى: (إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر) (66) فإذا كانت الناقة امتحان فإن الخروج عليها جريمة. ولما كانت الناقة لها علاقة بالماء والنبات والزمان! فإن الخروج عليها في حقيقة الأمر خروج على النظام الكوني الذي ترتبط أجزاؤه بعضها ببعض.
وعلى هذا يكون قرار ثمود جريمة ما بعدها جريمة. وما أكثر الجرائم التي ارتكبت في عالم الفتن وظن أصحابها أنها إنما وقعت على أرضية لا يفسد فيها للود قضية، هذا ظنهم ولكن الحقيقة أن هذه الجرائم من جنس الجريمة التي في ملف ثمود ويترتب عليها بصورة أو بأخرى ما أصاب ثمود.
* 7 - سفك الدماء:
خرجت الناقة بلا حارس وبلا سائس في اليوم المحدد لها ومعها فصيلها (ابنها) وروي أن ثمود مشى بعضهم إلى بعض وقالوا: اعقروا هذه الناقة واستريحوا منها. لا نرضى أن يكون لنا شرب يوم ولها شرب يوم. ثم قالوا: من الذي يقتلها ونجعل له جعلا ما أحب؟ فجاءهم رجل أحمر أشقر أزرق. ولد زنا لا يعرف له أب. يقال له: قدار. شقي الأشقياء. شؤم عليه. فجعلوا له جعلا. فلما توجهت الناقة إلى الماء الذي كانت ترده. تركها حتى شربت وأقبلت

(64) سورة هود، الآية: 64.
(65) سورة الشعراء، الآيتان: 155 - 156.
(66) سورة القمر، الآية: 27.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست