الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٩
بما يقصم ظهورهم وقرع باستكبارهم في التراب يقول تعالى: (... قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون * فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين) (6).
قال المفسرون: لقد واجه قومه وهو واحد... تحداهم بأن يفعلوا به ما بدا لهم إن قدروا على ذلك، وأتم الحجة على مكذبيه في ذلك: (إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي) ونهضتي لأمر الدعوة إلى التوحيد أو منزلتي من الرسالة (وتذكيري بآيات الله) وهو داعيكم لا محالة إلى قتلي، وإيقاع ما تقدرون عليه من الشر بي، لإراحة أنفسكم مني (فعلى الله توكلت) قبال ما يهددني من تحرج صدوركم وضيق نفوسكم علي بإرجاع أمري إليه، وجعله وكيلا يتصرف في شؤوني ومن غير أن أشتغل بالتدبير (فاجمعوا أمركم وشركاءكم) الذين تزعمون أنهم ينصرونكم في الشدائد، واعزموا علي بما بدا لكم، وهذا أمر تعجيزي (ثم لا يكن أمركم عليكم غمة) إن لم تكونوا اجتهدتم في التوسل إلى كل سبب في دفعي (ثم اقضوا إلي) بدفعي وقتلي (ولا تنظرون) ولا تمهلوني.
وفي الآية تحديه عليه السلام على قومه بأن يفعلوا به ما بدا لهم، وإظهار أن ربه قدير على دفعهم عنه. وإن أجمعوا عليه وانتصروا بشركائهم وآلهتهم.
وقوله (فإن توليتم فما سألتكم عليه من أجر) أي فإن توليتم وأعرضتم عن استجابة دعوتي، فلا ضير لي في ذلك فإني لا أتضرر في إعراضكم شيئا، لأني إنما كنت أتضرر بإعراضكم عني لو كنت سألتكم أجرا على ذلك يفوت بالإعراض، وما سألتكم عليه من أجر، إن أجري إلا على الله (57) وبدأ القوم يتذوقون العجز.. لم يستطيعوا القضاء على فرد واحد يقول لهم هيا اقضوا علي ولن تستطيعوا. لأني توكلت على الله ربي وربكم الذي أدعوكم إليه، وعلى

(56) سورة يونس، الآيتان: 71 - 72.
(57) الميزان: 102 / 10.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست