(ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله) (48) قال المفسرون: أي أنه إذ لم يسألهم شيئا من أموالهم، لم يكن لهم أن يتهموه بذلك (49) إنهم أبقوا بقضية الأموال وسط الساحة في حين أنه لا توجد له فيها ورقة، ثم اتهموه مع أتباعه أن دعوته لها أهداف أخرى وأشاروا بطرد أتباعه والكف عن دعوته، وعندما رفض هددوه بالرجم قال: (وما أنا بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين * قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين) (50). وعندما ربط القوم بين الأموال والاتباع جاء رده عليه السلام أولا بنفي الأجر ثم بالدفاع عن الأتباع ثم إخبارهم بعد ذلك بأنه لا يملك الخزائن، فهو أولا لم يطمع فيما عندهم من مال، ولا يسألهم على نصحه لهم أجرا، وعلى هذا فالضعفاء الذين يؤمنون به لا يطمعون في مال عنده أخذه من القوم ولا يطمعون في كنوز يخفيها لأنه ليس عنده من هذه الكنوز شيئا... (ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون * ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون * ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين) (51).
قال المفسرون: بعد دفاعه عن الذين آمنوا وإظهار أنهم ما آمنوا إلا ابتغاء وجه الله، وأن حسابهم على الله، قام بالرد على قولهم: (ولا نرى لكم علينا من فضل، فقال: (ولا أقول لكم عندي خزائن الله...) الآية. قال المفسرون: يرد عليهم قولهم بأني لست أدعي شيئا من الفضل الذي تتوقعون مني أن أدعيه. وبما أني أدعي الرسالة فإنكم تزعمون أن على الرسول أن يمتلك خزائن الرحمة الإلهية. فيغني الفقير ويشفي العليل ويحيي الموتى. ويتصرف في السماء والأرض وسائر أجزاء الكون بما شاء وكيف شاء. وأن يملك علم الغيب فيحصل على كل خير محجوب عن العيون.. وأن يرتفع عن درجة البشرية