الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٨٦
يقولوا بها في عيسى عليه السلام أيضا لمكان المماثلة (226).
ولم ينصت حملة التراث للحجة الدامغة. ولم يكن هناك من سبيل إلا وضعهم أمام الموت. بمعنى أن يقف الأطراف ويتلاعنوا ليأخذ الله تعالى الظالم منهم وعلى هذا فالذي على الحق ليس له أن يخاف لأن الردع الإلهي إذا جاء سيأخذ خصمه. وكانت المبادرة بوضع الأطراف أمام الموت مبادرة إسلامية. قال الله تعالى لرسوله: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) (227) قال المفسرون: المباهلة والملاعنة. وإن كانت في الظاهر كالمحاجة بين رسول الله وبين رجال النصارى. إلا أنها عمت الدعوة وشملت الأبناء والنساء. ليكون ذلك أدل على اطمئنان الداعي بصدق دعواه. وأنه على الحق. فالمجئ بالأبناء و النساء فيه أن قلب الإنسان يميل إليهم ويحبهم ويشفق عليهم. ويركب الأهوال والمخاطر في سبيل حمايتهم. ولذلك قدم البناء على النساء لأن محبة الإنسان بالنسبة إليهم أشد وأدوم. فالمجئ بالأولاد والأحباب فيه تحدي للباطل وبأن الحق واثق من النصر. والنصارى بقبولهم هذا التحدي فإنما يضعون الحاضر والمستقبل فداء الماضي لا يعرفون عنه من كتبهم شيئا وهم في شك مريب من أحداثه. باختصار كان قدومهم بالأطفال والنساء من أجل الدفاع عن تراث الآباء خسارة كبيرة لهم وعندما وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الدعوة للمباهلة. جاء رحال النصارى. وكان طرف المحجة عند رسول الله هو قوله: إن الله لا إله غيره وأن المسيح عيسى عبده ورسوله. أما الطرف الآخر من المحجة فكان عند النصارى وهو قولهم: إن عيسى هو الله. أو أنه ابن الله. أو أن الله ثالث ثلاثة. ولقد اتفقت الروايات وأصحاب التفاسير والتاريخ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حضر للمباهلة ولم يحضر معه إلا علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (228). وأخرج ابن

(226) الميزان: 212 / 3.
(227) سورة آل عمران، الآية: 61.
(228) الحديث رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي ورواه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل. وأورده ابن جرير في تفسيره وابن كثير (تفسير ابن كثير: 370 / 1.
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست