جرير أنه لما نزلت الآية: (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) الآية أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين.
ودعا النصارى ليلا عنهم. فقال شاب منهم ويحكم أليس عهدتم بالأمس إخوانكم الذين مسخوا قردة وخنازير؟ لا تلاعنوا. فانتهوا. وفي رواية أخرى قال لهم أسقف نجران: يا معشر النصارى إني أرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها. فلا تباهلوا فتهلكوا فقالوا: يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك.
وفي رواية قال كبيرهم: إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك. فقال النبي: وما هو؟
قال: حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح. فمهما حكمت فينا فهو جائز. فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يلاعنهم وصالحهم على الجزية (229) وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران. ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير.
ولاضطرم عليهم الوادي نارا. ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر (230).
ثم دعا الإسلام أهل الكتاب إلى كلمة سواء. كلمة عدل يستوي فيها الإنسان صاحب الفطرة السوية وهي أن لا يعبدوا إلا الله ولا يشركوا به شيئا ولا وثنا ولا صليبا ولا صنما ولا طاغوتا ولا شئ بل يفرد الجميع العبادة لله وحده لا شريك له. فإن رفض أهل الكتاب هذا فهم في طريقهم إلى عالم الطمس لا محالة. وفي حالة الرفض ينقطع بذلك خصامهم وحجاجهم. إذ لا حجة على الحق وأهله. وأخبرهم الإسلام أن تمسكهم بإبراهيم وطريقته وهم في طريق القهقري لا يدل إلا على الغباء لأن العقل يحكم أن الطهر والنقاء لامكان له في عالم الرجس والشياطين يقول تعالى: (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون * ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون * ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من