الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٣٠
صلى الله عليه وآله وسلم الذي صد عن سبيله رموز الانحراف والشذوذ الذين توغلوا في عالم الطمس والقردية واستمع إليهم القردة والخنازير في كل مكان.
لقد جاء ليقول: " أمرت " ولم يرفع سيفا إلا بأمر وذلك بعد أن خرج عليه أصحاب المخالب والأنياب يريدون إطفاء نور الله. ولكن أبي الله إلا أن يتم نوره. لقد أعلن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبيله في مكة في قوله تعالى:
" قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين * قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين * قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شئ " (69) قال المفسرون: أمره الله أن يخبرهم بأن ربه الذي يدعو إليه. هداه بهداية إلهية إلى صراط مستقيم وسبيل واضح قيم. لا تخلف فيه ولا اختلاف.
دينا قائما على مصالح الدنيا والآخرة أحسن القيام، لكونه مبنيا على الفطرة ملة إبراهيم حنيفا. مائلا عن التطرف بالشرك إلى اعتدال التوحيد وما كان من المشركين. وأمره تعالى أن يخبرهم بأنه عامل بما هداه الله إليه. كما أنه مأمور بذلك. ليكون أبعد من التهمة عندهم وأقرب إلى تلقيهم بالقبول. فإن من أمارة الصدق أن يعمل الإنسان بما يندب إليه ويطابق فعله قوله. فقال له سبحانه قل:
إنني جعلت صلاتي ومطلق عبادتي ومحياي بجميع ما له من الشؤون الراجعة إلي من أعمال وأوصاف وأفعال وتروك. ومماتي بجميع ما يعود إلي من أموره وهي الجهات التي ترجع منه الحياة. جعلتها كلها لله رب العالمين. من غير أن أشرك به فيها أحدا. فأنا عبد في جميع شؤوني: في حياتي ومماتي لله وحده وجهت وجهي إليه. لا أقصد شيئا ولا أتركه إلا له. ولا أسير في مسير حياتي ولا أرد مماتي إلا له. فإنه رب العالمين. يملك لكل ويدبر أمرهم. وقد أمرت بهذا النحو من العبودية. وأنا أول المسلمين به فيما أراده من العبودية التامة في كل باب وجهة (70).
فهل في سبيل رسول الله إكراه كما أشاعت جماهير الطمس على طريق القهقري؟ " إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله

(69) سورة الأنعام، الآيات: 161 - 164.
(70) الميزان: 394 / 7.
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست