في جرائم إهلاك النسل، وفي عصر الهيمنة لبني إسرائيل وأتباعهم سعى الجميع في الأرض ليفسدوا فيها ويهلكوا الحرث والنسل، وكما رفع قوم لوط الحجارة في وجه الذين يتطهرون! فإن بني إسرائيل عملوا من أجل إشعال الحروب للفتك بالذين يتطهرون. يقول تعالى: (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأ ها الله * ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين) (34) قال المفسرون. أي أنه كلما أثاروا حربا على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين. أطفأها الله بإلقاء الاختلاف بينهم، والآية على ما يدل السياق تسجل عليهم خيبة المسعى في إيقاد النيران التي يوقدونها على دين الله وعلى المسلمين. بما أنهم مؤمنين بالله وآياته (35) وقوله: (ويسعون في الأرض فسادا) أي من سجيتهم أنهم دائما يسعون في الافساد في الأرض والله لا يحب من هذه صفته (36). إن فقه الفساد الذي يحوي بين دفتيه جميع صور الفواحش. سهر عليه الذين لعنهم الله في القرآن، والله تعالى لعن في القرآن إبليس ولعن فيه اليهود ولعن فيه المشركين ولعن فيه المنافقين. والملعون لا يمكن بحال أن يقيم مجتمعا فاضلا عادلا، لأن المجتمع الفاضل لا يقومك إلا بالأخلاق الفاضلة، والأخلاق الفاضلة تحتاج إلى عامل يحرسها ويحفظها في ثباتها ودوامها، ولا يكون هذا العامل سوى التوحيد.
5 - بصمة انحراف أهل مدين.
لقد نهى الله تعالى عن نقص المكيال والميزان، وسماه إفسادا في الأرض، ومدين دقت وتدها في طريق المسيرة البشرية، ولقد نصحهم شعيب عليه السلام فأبوا إلا بخس الناس أشياءهم، وفي عهد بني إسرائيل اتسعت دوائر المعاملات المالية، وأصبح للمال بيوت عتيقة دولية وإقليمية، وقلما تجد بيتا عتيقا من هذه البيوت ليس لليهود فيه خيط، فالقوم أحكموا السيطرة لمعرفتهم بخفايا الربح السريع على امتداد تاريخهم الطويل. والقرآن الكريم وصفهم بأنهم في معاملاتهم يأكلون السحت، والسحت هو كل مال اكتسب من حرام. يقول