الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٧١
للصد عن سبيل الله كما نصت الآية (ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله) وعندما بدأ العبث المنظم بالجهة المالية للمجتمع الإنساني، ترتب على هذا العبث جنايات وتعديات ومظالم تنتهي بالتحليل.. إما إلى فقر مفرط يدعو إلى اختلاس أموال الناس بالسرقة وقطع الطرق وقتل النفوس والبخس في الكيل والوزن والغصب وسائر التعديات المالية، وإما إلى غنى مفرط يدعو إلى الإتراف والإسراف في المأكل والمشرب والمنكح والمسكن والاسترسال في الشهوات، وهتك الحرمات، وبسط التسلط على أموال الناس وأعراضهم ونفوسهم.
وأصحاب الأرائك. أو أصحاب الأيكة الجدد لا يضرهم الذين ساروا في طريق الفقر الذي انتهى إلى قطعهم للطرق واختلاسهم لأموال الناس. ولا يضرهم الذين ساروا في طريق الغنى الذي انتهى بهم إلى الاسترسال في الشهوات لأن خيوط اللعبة كلها في أيديهم. فإذا اختل النظام الحاكم في حيازة الأموال هنا. رد عليه نظام آخر في اقتناء الثروة هناك، إن أصحاب الأيكة الجدد يقبضون على المال ويظفرون بالثروة وهي بين أهلها الذين قتلهم الفقر أو الذين قتل فيهم الترف إنسانيتهم، والقبض على المال ليس غاية وإنما الصد عن سبيل الله هو الغاية. والمحيط الإنساني عندما يجري فيه قطاع الطرق الذين يبحثون عندما يسرقون. ويجري فيه الذين يبحثون عن مشتهيات النفس ومتعتها، ينقلب هذا المحيط إلى محيط حيواني ردئ. لا هم فيه إلا البطن وما دونه، ولا يملك فيه أحد إرادته، وبفشو الفساد وشيوع الانحطاط الأخلاقي تغلق أبواب الحكمة والمواعظ وهذا هو هدف أصحاب الأيكة الجدد. وأن لا يقوم مجتمع حي فعال يليق بالإنسان الفطري، المتوجه إلى سعادته الفطرية. ولأن السعادة الحقيقية يصل إليها الإنسان، أو يعمل للوصول إليها عندما يكون مؤمنا بالله وكافرا بالطاغوت، قام أصحاب الأيكة الجدد برفع أعلام أكثر من طاغوت. أعلام مغلفة بأغلفة تستقيم مع روح العصر الحديث. فأيهما أبشع وجها. أهل مدين أم أصحاب الأيكة الجدد؟
6 - بصمة انحراف الفراعنة:
تقوم العقيدة الفرعونية في الأساس على عبادة الشمس، وهذه العبادة
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست