عيسى أنهم كذبوه. وحاصروه. فرفعه الله إليه. أما موقفهم من أحمد صلى الله عليه وآله فكان هو نفس موقف فرعون من موسى (قالوا هذا سحر مبين).
أليس في هذا بصمات كفار قوم نوح وعاد وثمود وأصحاب الأيكة وقوم فرعون، لقد رفضوا بشرية الرسول بما يستقيم مع أهوائهم. فطالبوا بكتاب من السماء وقربان تأكله النار وعندما شاهدوا المعجزة أمام عيونهم بعد ما شاهدوا معالمها على صفحات كتبهم قالوا: هذا سحر مبين. وبعد أن رفضوا القمة على امتداد عصورهم، بدأوا يرفضون القاعدة وفقا لفقه كفار قوم نوح الذين صنفوا البشرية إلى قسمين. أشراف وأراذل! فهذا الفقه سار بشذوذه على امتداد المسيرة البشرية، واستقر في النهاية داخل سلة بني إسرائيل، فادعوا أنهم شعب الله المختار! وأنهم أولياء الله وأحباؤه، وباقي البشر بالنسبة لهم مجرد حيوانات آدمية تكد من أجلهم، وتحمل على ظهورها أحجار هيكلهم، ولقد أطاح القرآن الكريم بتصنيفهم للبشر، وتحداهم بأن يتمنوا الموت أمام رسول الله الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: (قل يا أيها الذين لا هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين * ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين) (21) قال المفسرون: ومحصل المعنى. قل لليهود مخاطبا لهم. يا أيها الذين تهودوا، إن كنتم اعتقدتم أنكم أولياء لله من دون الناس، إن كنتم صادقين في دعواكم. فتمنوا الموت، لأن الولي يحب لقاء وليه، ومن أيقن أنه ولي لله وجبت له الجنة، ولا حاجب بينه وبينها إلا الموت، وعلى هذا فهو يحب الموت ويتمنى أن يحل به، ليدخل دار الكرامة، ويتخلص من هذه الحياة الدنية التي ما فيها إلا الهم والغم والمحنة والمصيبة. وقد علل سبحانه عدم تمنيهم الموت بما قدمت أيديهم، وهو كناية عن الظلم والفسوق، ومعنى الآية (ولا يتمنونه أبدأ) أي ولا يتمنون الموت أبدا بسبب ما قدمته أيديهم من الظلم، فكانوا ظالمين والله عليم بالظالمين، يعلم أنهم لا يحبون لقاءه لأنهم أعداؤه، لا ولاية بينه وبينهم ولا محبة، والآيتان مع معنى قوله تعالى: (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين * ولن يتمنوه أبدأ بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين * (22) إن ادعاء