الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٦٠
بأن الكافرين منهم ملعونون بلسان أنبيائهم، وفيه تعريض لهؤلاء الذين كفرهم الله في هذه الآيات. بأنهم ملعونين بدعوة أنبيائهم أنفسهم. وذلك بسبب عصيانهم لأنبيائهم واستمرارهم على الاعتداء.
لقد قطع بنو إسرائيل شوطا طويلا في عالم الانحراف. فحرفوا الكلم عن مواضعه. وكفروا بآيات الله. وقتلوا الأنبياء بغير حق. وقالوا قلوبنا غلف. وبعد هذا يقولون. إن الله فضلهم على العالمين! إن الشذوذ الذي دق قوم نوح أوتاده انتهى آخر الأمر إلى سلة بني إسرائيل! بمعنى أن الانحراف الذي وضعه قوم نوح، ضرب الله أصحابه بالغرق ليكونوا عبرة لمن يأتي بعدهم.. أما الانحراف نفسه فإن طرحه على الأجيال في كل زمان، مهمة شيطانية.. فالشيطان يلتقط الانحراف بعد التجربة الإنسانية الأولى. ثم يزينه بما يستقيم مع جيل آخر. وبعد انتهاء الجيل يقوم بتعديل الانحراف بعد التجربة الإنسانية الثانية. ليلقيه على جيل ثالث. وهكذا. فمن كان له عبرة في السلف وتذكر ضربات الطوفان والرياح والصيحة وغير ذلك.. ابتعد بفطرته النقية عن مصادر الشذوذ الملون والانحراف المغلف بأغلفة براقة! أما الذين تربعت عبادة العجول على عقولهم، فإن في سلالهم تتجمع جميع الانحرافات ابتداء من قابيل قاتل أخيه وانتهاء بآخر انحراف وآخر شذوذ. وبنو إسرائيل استحوذوا على جميع الانحرافات ثم قاموا بنشرها على صفحة العالم للصد عن سبيل الله، معتمدين في ذلك على أديان اخترقوها وقاموا بتوجيهها نحو أهدافهم وأيضا على منظمات وجمعيات تحمل لافتات براقة ظاهرها الرحمة والعدل وباطنها العذاب الأليم. ونحن سنوجز هنا انحرافات الأوائل التي استقرت في السلال الإسرائيلية بعد أن قام تلاميذ الشيطان بتحويرها وتهذيبها وتجميلها حتى استقرت في الصورة الأخيرة.
1 - بصمة انحراف قوم نوح:
كما ذكرنا من قبل أن قوم نوح عبدوا الأصنام، ورفضوا بشرية الرسول، وأطاحوا بسنة العدل الاجتماعي فقسموا البشر إلى أقوياء وضعفاء، فالأقوياء هم الأشراف. والضعفاء هم الأراذل، وبنو إسرائيل لم يخرجوا قيد أنملة عن هذا، لقد عبدوا العجل واتبعوا الأهواء، وسنتكلم عن هذا في موضعه، أما رفضهم للرسول البشر.. فلقد رفعوا هذه اللافتة في وجه نبي الله الخاتم محمد صلى الله
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست