الأوثان لأن في هذا مصلحته، ويوم القيامة سيقف هو وأتباعه يلعن بعضهم بعضا، وبعد خطاب فرعون الذي أراد به أن يحاصر الدعوة قال موسى عليه السلام: (إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) (158) قال المفسرون: قوله: (عذت بربي وربكم) فيه مقابلة منه لفرعون في قوله:
(وليدع ربه) حيث خص فرعون ربوبية الله بموسى. فأشار موسى بقوله:
(عذت بربي وربكم) أي أنه تعالى ربهم كما هو ربه، نافذ حكمه فيهم كما هو نافذ فيه، ومن هنا يظهر أن الخطاب في قوله: (وربكم) لفرعون ومن معه دون قومه من بني إسرائيل. وقوله: (من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) يشير إلى فرعون وكل من يشاركه في صفتي التكبر وعدم الإيمان بيوم الحساب ولا يؤمن من اجتمعت فيه الصفتان أصلا (159).
ولم يذهب التهديد بقتل موسى عليه السلام سدى، فلقد انتفض الإيمان ممثلا في مؤمن آل فرعون، الذي قام وواجه الجبابرة بأبلغ الكلام وأقوى الحجج. لقد قام مؤمن آل فرعون بعد خطاب فرعون. وألزم نفسه أن ينطق بالعدل في عالم يحرمه الأجساد ولا يعدل في حق الله أو حق الناس.. يقول تعالى: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب * يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) (160) قال المفسرون: كان الرجل من القبط من خاصة فرعون. وهم لا يعلمون بإيمانه لكتمانه إياهم ذلك تقية، ولقد أنكر قتلهم لموسى، وأخبرهم بأن موسى جاءهم بالبينات من ربهم، وعلى هذا فقتله هو قتل رجل جاء بالحق من ربهم، ثم قال لهم إن يك موسى صادقا. يصبكم ما وعدكم من أنواع العذاب. وإن يك كاذبا. كفاه كذبه. ثم قال: يا قوم لكم الملك اليوم غالبين عالين في أرض مصر. على من دونكم من بني إسرائيل. فمن ينصرنا من أخذ الله وعذابه كما يعدنا به موسى إن جاءنا. وقد