السلام، وهم لم يتدبروا إلا لأنهم صادروا أسماعهم وأبصارهم وعقولهم وقلوبهم. صادروها لصالح فرعون وحده. فرعون الذي أوهمتهم عقيدة الشمس بأنه باب الخلود الدائم والنعيم المقيم.
لقد وقف فرعون وملأه تحت مظلة الدعاء الذي دعا به موسى، وقف يتباهى بالأنهار والحقول والذهب والجنود، وفي محراب الإيمان جلس موسى عليه السلام يبشر المؤمنين، وهو على أرضية اليقين بأن الله تعالى استجاب الدعوة المتضمنة لعذاب فرعون وملئه وعدم توفيقهم للإيمان حتى يروا العذاب الأليم.
* 8 - يوم الغضب:
بعد أن أوحى الله تعالى لموسى وهارون أن يتخذا لقومهما مساكن من البيوت في مصر، وكانوا قبل ذلك يعيش معظمهم عيشة البدو في أماكن مختلفة.
وأمرهم سبحانه أن يجعلوا بيوتهم متقابلة وفي وجهة واحدة ليسهل اتصال بعضهم ببعض ويتمشى أمر التبليغ والمشاورة والاجتماع والصلوات. بعد أن أمر سبحانه بذلك، قام موسى وهارون عليهما السلام بتنفيذ ما أمر به الله وكان فرعون يظن أن اجتماع القوم على رقعة واحدة من الأرض في صالحه. لأنه يسهل عليه مراقبة المداخل والمخارج ويستطيع الإغارة عليهم في وقت واحد ومن جهة واحدة فيقضي عليهم جميعا، لهذا تركهم فرعون يجتمعون ويشيدون مساكنهم، وبعد أن ظن فرعون أن بني إسرائيل يشيدون لأنفسهم المصيدة التي فيها يهلكون، جاء الوحي الإلهي الذي فيه هلاك فرعون وملئه. يقول تعالى: (وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون) (200) قال المفسرون: أمرهم سبحانه بالسير ليلا، وقوله: (إنكم متبعون) تعليل للأمر، أي سر بهم ليلا ليتبعكم آل فرعون، وفيه دلالة على أن لله في اتباعهم أمرا (201)، وكان موسى عليه السلام يعلم بوحي من الله الاتجاه الذي يسير فيه بقومه والطرق التي يسلكها.
وكان لاقتراب البيوت بعضها من بعض فائدة كبيرة، حيث تم تنفيذ الأوامر