أحد، وأما الذي أدعوكم إليه، وهو الله سبحانه، فإن له دعوة في الدنيا، وهي التي تصداها أنبياؤه ورسله المبعوثون من عنده، المؤيدون بالحجج والبينات، وفي الآخرة وهي التي يتبعها رجوع الخلق إليه لفصل القضاء بينهم.. ومن المعلوم أن الربوبية لا تتم بدون دعوة في الدنيا ونظيرتها الدعوة في الآخرة، وإذا كان الذي يدعوهم إليه ذا دعوة في الدنيا والآخرة، دون ما يدعونه إليه، فهو الإله دون ما يدعون إليه.
وقوله: (وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار) معطوف على قوله: (أنما تدعونني) أي لا جرم أن مردنا إلى الله، فيجب الإسلام له واتباع سبيله ورعاية حدود العبودية، ولا جرم أن المسرفين وهم المتعدون طور العبودية - وهم أنتم - أصحاب النار، فالذي أدعوكم إليه فيه النجاة دون ما تدعونني إليه. (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد) صدر الآية موعظة وتخويف لهم، وهو تفريع على قوله: (وأن مردنا إلى الله) أي إذا كان لا بد من الرجوع إلى الله، وحلول العذاب بالمسرفين، وأنتم منهم ولم تسمعوا اليوم ما أقول لكم، فستذكرون ما أقول لكم حين عاينتم العذاب، وتعلمون عند ذاك أني كنت ناصحا لكم (176).
(فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد،.
* 7 - أيام من العذاب:
لم يستمع القوم إلى ما قاله المؤمن لهم، ورموه بالتهم الباطلة حتى تضيع كلماته ويجلب فرعون لنفسه المنفعة، لقد صبوا عليه الاتهامات لأنه ألقى بحججه على حياة الباطل وسمعته، وعرى أفعالهم المرعبة النكراء التي رسمتها الشياطين المخيفة في مجالسهم ومعايدهم. صبوا عليه الاتهامات بعد أن أخبرهم أنه عند ساعة الموت سيكتشفون الحقيقة، والحقيقة لن تكون أبدا فيما نقلوه لهم عن أوزير ورع وآمون، فهذا الطابور هراء وهباء ضائع في خلاء وليس له دعوة.
ولا يحمل إلا بصمات الشياطين، وإذا كانوا يظنون أن الموت يضع حدا لشقائهم بعد أن أضاعوا حياتهم في حمل الأحجار ونقشها خدمة للفرعون، فإن الحقيقة أنه