في سلسلة بحوثنا عن المسيح الدجال الذي مقدر له الخروج آخر الزمان.
لقد واجه الذين آمنوا الخوف الذي غرس فرعون رموزه وأوتاده وقضبانه في كل مكان، وأمام سيل الخوف الجارف بث موسى عليه السلام بين أتباعه الصبر، كان فرعون يقتل الأطفال. فيروي الذين آمنوا الدماء بالدموع، ويقدمون الحزن والآهات والدموع إلى موسى كي يشهد عليها ويرفعها في دعائه إلى الله.
2 - الاستكبار:
لم يستطع فرعون أن يواجه حجة موسى عليه السلام التي دمر بها عقيدة الشمس وفروعها، تلك العقيدة التي قالت بأن الآلهة قد زاولوا مهمة الحكم على الأرض يوما! ثم غادروها ليأتي بعد ذلك أبناؤهم من البشر ليحكموا أهلها. لقد دمر الأصنام التي شيدتها الأساطير أصنام (رع) (أوزير) (آمون) (حور) (بتاح) (آتوم) (حتحور) (أبيس) (تحوت) ذلك الطابور الذي تعد أوثانه بالآلاف. وعندما لم يستطع فرعون وفقهاؤه أن يواجهوا حجج موسى ومعجزاته القاهرة مارسوا عمليات قتل الأطفال والرجال والنساء، ولأن عمليات القتل لم يتدخل فيها من يقهر فرعون ويجبره على الكف عنها. تطاول فرعون في هذا الميدان الخالي، واستغل هذا الموقف أمام شعبه. فطلب منهم أن يتركوه ليقتل موسى. وليدع موسى ربه (وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو يظهر في الأرض الفساد) (152).
قال المفسرون: (ذروني) أي اتركوني. خطاب يخاطب به ملأه. وفيه دلالة على أن هناك مانعا يمنعه. مانعا شخصيا وهو أنه عاجز عن ذلك. يقول الله تعالى لموسى: (ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا) (153) ومانعا داخليا أنه كان هناك من يشير عليه أن لا يقتل موسى ويكف عنه، وهؤلاء جاء ذكرهم في كتاب الله كما يشير إليه قوله تعالى: (قالوا أرجه وأخاه) (154) فقوله: (ذروني أقتل موسى) كان فرعون يريد به أهدافا سياسية، اتخذ موسى مدخلا لها. وهو وإن كان لم يظهر عجزه أمام شعبه إلا أنه تاجر بهامش