موسى عليه السلام في معنى رسالته قادحا فيها، فتلقى الجواب بما كان فيه إفحامه، أخذ يكلمه في خصوص مرسله فاستوضحه: (وما رب العالمين)؟
فجاءته الإجابة: (قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين) (83) وكانت هذه صفعة للعقيدة المصرية القديمة. فالقوم كانوا يعتبرون (أوزير) إلها للموتى وأيضا للخصب، و (رع) إلها في السماء! وكل مذهب وكل فرقة قامت بتقسيم آلهتها في السماء والأرض وما بينهما. لهذا كانت إجابة موسى، كفأس إبراهيم عليه السلام التي أطاحت برقاب الأوثان في معامل الانحراف، لقد سأل فرعون عن رب العالمين، فوضع موسى (السماوات والأرض وما بينهما) مكان العالمين ثم قال: (إن كتم موقنين) أي أن رب العالمين هو الذي يوقن الموقنون بربوبيته لجميع السماوات والأرض وما بينهما. إذا نظروا إليها وشاهدوا وحدة التدبير الذي فيها.
وأمام هذه الصفعة التي أطاحت بعقائد الفراعنة التي سهروا من أجلها قرونا طويلة نظر فرعون إلى من حوله (قال لمن حول ألا تستمعون) (84)؟ قال المفسرون: أي ألا تصغون إلى ما يقوله موسى؟ والاستفهام للتعجب، يريد أن يصغوا إليه فيتعجبوا من قوله.. وعندما لفت فرعون أنظار مجموعة عمله إلى ما يقوله موسى، جاءه الجواب مرة ثانية من موسى: (قال ربكم ورب آبائكم الأولين) (85) والفراعنة على امتداد تاريخهم لم يتفقوا على معبود واحد. فطبقة منهم عبدت قديما الإله (حور) في بداية الأسرات، ثم انعقدت العبادة للإله (رع) منذ أواسط الدولة القديمة، ثم انتقلت الرئاسة للإله (آمون) في الدولة الوسطى. ثم (آمون رع) في بداية الدولة الحديثة التي كان من أهم رموزها فرعون موسى (86) لهذا جاء جواب موسى عليه السلام، جوابا ناسفا للبداية والنهاية معا. لقد أجاب أنه ليس في الوجود إلا رب واحد للإنسانية وهو رب العالمين الذي أرسلني إليكم، وأمام حجج التحطيم التي يقذف بها موسى عليه