قوله: (وما تلك بيمينك يا موسى) وتنتهي في قوله: (اذهب إلى فرعون إنه طغى) وقد نص تعالى أن موسى كان رسولا نبيا معا في قوله: (واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا) (63). وقد ذكر في الآيات الثلاث المشتملة على النبوة الركنان معا. وهما ركن الإعتقاد وركن العمل.
وأصول الإعتقاد ثلاثة: التوحيد والنبوة والمعاد. وقد ذكر منها التوحيد والمعاد.
وطوى عن النبوة، لأن الكلام مع النبي نفسه. وأما ركن العمل. فقد لخص على ما فيه من التفصيل في كلمة واحدة هي قوله: (فاعبدني) فتمت بذلك أصول الدين وفروعه في ثلاث آيات (64) وبعد أن أوحى سبحانه إلى موسى من أمر الساعة ما أوحى، وما ذكرناه من قبل من أن قدماء المصريين كانوا لا يؤمنون بالبعث بمفهومه الحقيقي، بدأت الرسالة. قال تعالى: (وما تلك بيمينك يا موسى * قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى * قال ألقها يا موسى * فألقاها فإذا هي حية تسعى * قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى * واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى * لنريك من آياتنا الكبرى * إذهب إلى فرعون إنه طغى).
قال المفسرون: أمر سبحانه موسى أن يلقي عصاه، فلما ألقى العصا صارت حية تتحرك بجد وجلادة، وذلك أمر غير مترقب من جماد لا حياة له، وهو قوله: (فألقاها فإذا هي حية تسعى) وقد عبر تعالى عن سعيها في موضع آخر بقوله: (رآها تهتز كأنها جان) (65) وعبر عن الحية في موضع آخر لقوله:
(فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين) (66) ثم أمره سبحانه أن يجمع يده تحت إبطه، أي يدخلها في جيبه تخرج بيضاء.
وبعد أن شاهد موسى آيات الله، وأمر بالذهاب إلى فرعون (قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون * وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله