التاريخية (32 ق. م - 2780 ق. م) وأضافت إلى الصورة. صورة أخرى في عصر الدولة القديمة (2780 - 23 24 ق. م) وعبرت عصور الاضمحلال إلى الدولة الوسطى (216 - 1778 ق. م) بوجوه احتفظت جميعها بالأصل، حتى جاء عصر الدولة الحديثة (1575 - 945 ق. م) وظهر فرعون موسى الذي هضم التجربة كلها وامتص كل ما هو أسوء ولم يلتفت إلى رياح يوسف عليه السلام ومن بعده رياح أخناتون. ثم عبرت الفرعونية بعد عصر فرعون موسى إلى العصور الفرعونية المتأخرة (945 - 343 ق. م) بوجه جديد، استلمه الإسكندر وقذف به إلى عالم الفلاسفة ليصبح فرعون الحجر قديما بيده قلم وقرطاس في عهد الإغريق (45).
ولما كانت للفرعونية وجوه تعود إلى أصل واحد، وبما أن فرعون موسى هو التجسيد الحي للشذوذ الذي دونه آباؤه في عالم الانحراف، وهو المقدمة للذين جاؤوا من بعده وجلسوا على أريكة الظلم والإسراف والاستكبار، فإن الله تعالى جعله وقومه أئمة يدعون إلى النار يقول تعالى: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون * وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين) (46) قال المفسرون: الدعوة إلى النار، هي الدعوة إلى ما يستوجب النار من الكفر والمعاصي، ومعنى جعلهم أئمة يدعون إلى النار: تصييرهم سابقين في الضلال يقتدي بهم اللاحقون. وقوله تعالى: (وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين) فهم لكونهم أئمة يقتدي بهم من خلفهم في الكفر والمعاصي، لا يزال يتبعهم ضلال الكفر والمعاصي من مقتديهم ومتبعيهم، وعليهم من الأوزار مثل ما للمتبعين، فيتبعهم لعن مستمر باستمرار الكفر والمعاصي بعدهم، فالآية في معنى قوله تعالى: (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) (47) وقوله: (ونكتب ما قدموا وآثارهم) (48) وتنكير اللعنة للدلالة على تفخيمها واستمرارها (49).