الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٩٩
الكهنة: إنه يولد في بني إسرائيل غلام يسلبك ملكك ويخرجك وقومك من أرضك ويبدل، وقد أظلك زمانه الذي يولد فيه. ووفقا لأطروحة الكهنة التي دثروها بخوفهم على فرعون، ووفقا لما كان يذكره بنو إسرائيل عن موسى الذي بشر به يوسف، أمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل! وفي حديث الثعلبي: كان فرعون يقتل الغلمان الذين كانوا في وقته من بني إسرائيل. ومن يولد منهم بعد ذلك. ويعذب الحبالى حتى يضعن ما في بطونهم.. وعندما اعترى الناس الخوف والرعب، دخل رؤساء القبط على فرعون وقالوا له: إن الموت وقع في بني إسرائيل وأنت تذبح صغارهم ويموت كبارهم. فيوشك أن يقع العمل علينا، فأمر فرعون أن يقتل أطفالهم سنة ويتركهم سنة. فولد هارون في السنة التي لا يقتل فيها. وولد موسى في السنة التي يقتلون فيها (56).
وعندما وضعت أم موسى ولدها موسى، ونظرت إليه اغتمت كثيرا، وتيقنت بأنه لا يبقى لها، بل يقتلونه. ثم جاء الفرج يقول تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين * فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) (57) قال المفسرون: (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) أي فيما كانوا يفعلونه في أبناء بني إسرائيل.
تحذرا من انهدام ملكهم وذهاب سلطانهم، فقتلوا الجم الغفير من الأبناء ولا شأن لهم في ذلك، وتركوا موسى حيث التقطوه وربوه في حجورهم، وكان هو الذي بيده انقراض دولتهم وزوال ملكهم.
لقد فتح فرعون الصندوق وعندما وجد فيه صبيا قال: هذا من بني إسرائيل! وهم بقتله وعزم على إعدامه ولكن لما نظر إليه، ألقى الله تعالى في قلبه محبته محبة شديدة، وكذلك أحبته آسية زوج فرعون ومع ذلك فقلب فرعون أحس بالشر وأراد قتله. فقالت له زوجته: لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا. وهم لا يشعرون أنه موسى، وعندما التقطه آل فرعون، حرم الله عليه

(56) كتاب الأنباء: 267.
(57) سورة القصص، الآيتان: 7 - 8.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست