كان من قومه إلا أن ينظروا بعيونه ويسمعوا بآذانه ويحبون ويكرهون بقلبه. وعنهم يقول تعالى: (فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد * يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود) (36) ووصف قوم فرعون في كتاب الله بأوصاف عديدة. يقول تعالى: (إنهم كانوا قوما فاسقين) (37) وقال: (إن هؤلاء قوم مجرمون) (38) وقال: (فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين) (39) وسماهم: (القوم الكافرين) (40) والقوم الظالمين (41).
ولأن فرعون تجري في عروقه دماء الآلهة! والقوم من حوله يصنعون ويشيدون له ما يريد طمعا في الخلد الدائم تحت الأرض. فما فقه التحقير والانتقاص تحت المظلة الفرعونية. فعندما جاءهم موسى وهارون عليهما السلام بالرسالة. ما وجد فرعون أي حرج في قومه وهو يعلن لهم (أن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون) (42) ولم يجد حرجا وهو على أريكة ملكه بين صفوة دولته بأن يتهم موسى عليه السلام ويقول (ساحر أو مجنون) (43) بل الأكثر من ذلك أن يسخر هو وقومه من معجزات موسى التي أيده الله بها. يقول تعالى: (فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون) (44) والخلاصة أن الفرعونية خرجت من تحت عباءة فقه التحقير والانتقاص من عباد الله. وما أراد الشيطان من هذه العقيدة وغيرها من العقائد الوثنية إلا الابتعاد بالسواد الأعظم من الناس عن منابع الهدى ليحقق بذلك هدفه الأكبر ألا وهو: غواية الناس أجمعين إلا من رحم الله. وعباده المخلصين. والفرعونية لها أشكالها. فلقد بدأت بصورة في بداية العصور