الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٠١
الفرعوني يقاتل فرعونيا آخر. فاستغاثه العبراني على الفرعوني. فخاطبه موسى قائلا له: إنك لغوي مبين، وعنى باللغوي العبراني، لأنه أحرج موقف موسى وأصبح بسببه خائفا من أن يظهر أمره وبعد القتل ظل موسى في المدينة ولم يرجع إلى بلاط فرعون، وعندما وبخ موسى العبراني، ظن العبراني أن موسى إنما يريد أن يبطش به، فقال: يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس! فعلم المصري عند ذلك أن موسى هو الذي قتل قتيل الأمس. فرجع إلى فرعون فأخبره الخبر. فأتمروا بموسى وعزموا على قتله.
وأرسل فرعون في طلبه جماعة ممن أعدهم لمثل مهمته هذه، فسبقهم مؤمن آل فرعون، وأعلمه بما عزم عليه القوم وأنهم يريدونه، ونصحه بأن ينجو بنفسه، ويفارق بلاد مصر حتى لا تمتد أيديهم إليه بسوء. فحينذاك خرج منها خائفا يترقب. يقول تعالى: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين * فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين) (59).
وروي أنه عندما خرج من مصر خائفا يترقب، خرج بغير ظهر ولا دابة ولا خادم، تخفضه أرض وترفعه أخرى حتى انتهى إلى أرض مدين، وهناك التقى مع نبي الله شعيب، وعندما قص عليه القصص، قال له لا تخف نجوت من القوم الظالمين، وفي مدين تزوج موسى بإحدى بنات شعيب كما ذكرنا من قبل، وقد ذكر البعض أن الشيخ الذي لقيه موسى في مدين لم يكن شعيب. وإنما كان أحد أتباع شعيب. وهذا ليس من الحقيقة في شئ، لأن الذي اشتهر بين الأمم وأجمع عليه علماء المسلمين. هو زواج بنت شعيب من موسى بن عمران ومصاهرته له. وإن لم يصرح القرآن الكريم بذلك. وإن الثابت عن طريق أهل بيت محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم هو أن العلاقة الزوجية إنما تحققت بين موسى وابنة النبي شعيب.
* 4 - الوادي المقدس طوى:
روي أن موسى بعد أن قضى أتم الأجلين، وسار بأهله منفصلا عن أرض

(59) سورة القصص، الآيتان: 20 - 21.
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست