إن الإمام لم يكن رشيدا، ولكنهم اتبعوه لأن هواه يوافق أهواءهم: (وما أمر فرعون برشيد * يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود * وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) (50) قال المفسرون:
(فاتبعوا أمر فرعون) الظاهر أن المراد بالأمر. ما هو أعم من القول والفعل، كما قال سبحانه عن فرعون في قوله: (قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) (51) فينطبق على السنة والطريقة التي كان يتخذها ويأمر بها وكأن الآية محاذاة لقول فرعون هذا، فكذبه الله تعالى بقوله: (وما أمر فرعون برشيد) والرشيد: فعيل من الرشد خلاف الغي، أي: وما أمر فرعون بذي رشد حتى يهدي إلى الحق، بل كان ذا غي وجهالة (52).
لقد كان فرعون إمام ضلال: (يقدم قومه يوم القيامة) وكان فرعون وقومه:
(أئمة يدعون إلى النار) فعلى القمة وعلى القاعدة أئمة يدعون إلى النار. إن الآمر جريمة والمنفذ جريمة. ولما كانت الفرعونية خطرا على الجنس البشري، ضرب الله تعالى رأسها ليكون في ضرب الرأس عبرة لمن خلفه سواء أكان في القمة أو في القاع. تماما كما ضرب سبحانه عادا وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة، فكل قوم من هؤلاء نسج خيامه من الشذوذ وأقامها في معسكر الانحراف ليصد عن سبيل الله، فجعلهم الله عبرة، لأنه تعالى الرحمن الرحيم بعباده الذين في بطن الغيب، فاستئصال الذين ظلموا.. يكون أمام أبناء المستقبل دليل ليحذروا من الوقوع فيما وقع فيه أبناء الماضي. واستئصال الذين ظلموا في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل هو لأتباع الصراط المستقيم. في كل زمان ومكان دعوة للتمسك بالهدى لأن النجاة والفوز في رحابه.
* 2 - مولود على أرض الفراعنة:
إن الله تعالى رحيم مع كل جيل، وهو سبحانه يعلم ماذا يضمر الشيطان وأتباعه للصد عن سبيل الله. لهذا يقذف الله بالحق في كل مكان وزمان. ويقذف