فرقهم فرعون شيعا وفرقا مختلفة. لم يجتمعوا على شئ إلا على فرعون، لأنه ابن الإله الذي سينعمون معه في عالم الخلود تحت الأرض بعد أن تنتهي حياتهم، فهم حسب عقيدتهم ما كانوا يؤمنون بالبعث والحساب وما يترتب عليه من ثواب وعقاب بجنة أو نار. لهذا قال فيهم يوسف عليه السلام: (إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون) (32) فالقوم كانت لهم تصوراتهم الخاصة. وعندما بعث الله تعالى موسى عليه السلام إليهم أثبت للقوم كفرهم بالساعة وما يترتب عليها فقال تعالى: (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري * إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى * فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى) (33) فأخبر سبحانه أن الساعة آتية والجزاء واقع. وأمر سبحانه موسى عليه السلام أن لا يصرفه عن الإيمان بها وذكرها الذين اتبعوا أهواءهم. فصاروا يكفرون بها ويعرضون عن عبادة ربهم.
وهؤلاء هم الذين أرسل إليهم موسى عليه السلام.
لقد كان القوم يؤمنون بأنهم بعد الموت سيعيشون في عالم الخلود في رحاب (أوزير) الذي يحكم تحت الأرض. وعيشتهم الراخية هذه تتوقف على مدى طاعتهم للفرعون ابن الإله. ففرعون هو باب المعيشة الهنيئة بعد الموت.
وأوزير ورع وآمون وطابورهما الطويل عندهم المستقر، لهذا كانت القبور علامة مميزة لما يرتع داخل نفوسهم. فالقبر حياة في عقيدتهم وثقافتهم.. فرعون على بابه كابن للإله، وبداخله يبدأ عالم الأموات فينال كل منهم نصيبه وفقا لما أداه من خدمة للابن القابع على رقبة الأحياء (34). لهذا كله كان لا معنى للعقيدة المصرية القديمة بدون فرعون على رأسها، فعدم وجود فرعون يعني ضياع العقيدة. لهذا حرص المصريون القدماء على وجود فرعون حتى في ظل الغزاة الأجانب عن مصر.
(قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) (35) فما