الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٨٨
السلام: أنا أحي وأميت، فإن بصمات الدولة النمرودية توجد على صفحات الدولة الفرعونية! ففرعون هو القائل: (أنا ربكم الأعلى) (5) وهو القائل لقومه: (ما علمت لكم من إله غيري) (6) وإذا كان قوم لوط قد تآمروا على إبادة النسل بطريقتهم الخاصة، فإن لفرعون طريقته للتآمر على النسل وتبدو صورتها واضحة في خطة فرعون من أجل إبادة نسل بني إسرائيل. وإبادة نسل كل من آمن بالله الواحد (قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم) (7) فلقد تتبع مواليد بني إسرائيل وتتبع السحرة الذين آمنوا بموسى حتى يعم في الأرض الفساد. وإذا كانت مدين قد دونت فقه نقص الكيل والميزان فإن فرعون نقص الميزان بطريقته الخاصة. فلقد غش قومه واستخفه ولم يطرح عليهم حقيقة كاملة فدولته كانت كل شئ فيها بميزان، ولكن هذا الميزان كان في قصر فرعون والعامل عليه لا يرى إلا بعيون فرعون (ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون) (8) لقد كان الميزان كله عند فرعون، فرعون الذي استكبر وجنوده في الأرض بغير الحق، وظنوا أنهم إلى الله لا يرجعون!
لقد حمل فرعون على أكتافه جميع الانحرافات والشذوذ، بعد أن طورها لتلائم المسيرة البشرية، وشاء الله أن يتصدى له موسى وهارون عليهما السلام، وموسى أحد الخمسة أولي العزم الذين هم سادة الأنبياء، وقد خصهم الله بالذكر في قوله: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) (9) وقال: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى) (10) وموسى عليه السلام أكثر الأنبياء ذكرا في القرآن فقد ذكر اسمه في مائة وستة وثلاثين موضعا، وذكر البعض أن الله تعالى أشار إليه في ثلاثين موضعا آخر،

(5) سورة النازعات، الآية: 24.
(6) سورة القصص، الآية: 38.
(7) سورة غافر، الآية: 25.
(8) سورة الزخرف، الآية: 51.
(9) سورة الأحزاب، الآية: 7.
(10) سورة الشورى، الآية: 13.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست