الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٨٤
تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك، وروي أنه قضى أتمهما لأن الأنبياء عليهم السلام لا تأخذ إلا بالفضل والتمام (50).
وأصبح موسى عليه السلام صهرا لشعيب عليه السلام. وراعيا لغنمه، ومن عند شعيب خرج موسى متوجها إلى مصر وكانت بيده عصا روي أن شعيبا كان يحتفظ بها ضمن عصي الأنبياء التي كان يضعها في بيت خاص بها. وفي طريقه إلى مصر ناداه ربه سبحانه وتعالى كما سنبين في حينه.
لقد طويت مدين وطوي أصحاب الأيكة. لقد ذهب أصحاب اللحوم التي من معدن، الذين أعجبوا بحياتهم وعاشوا وسط الأجولة المكدسة بالبضائع والأدوات لامتصاص دماء الإنسان الذي يقترب منهم. لقد احترقت أكواخهم في لمح البصر.. أخذوا على غرة، وتعذبوا ليالي طويلة في يوم عذاب عظيم، وبعد ذهابهم جاء الذين ساروا على أهواء مدين والأيكة، فوقف وراء كل غصن لص، وانقلبت جميع الموازين وجميع المكاييل، انقلبت في الوقت الذي خضعت حياة الإنسان كلها للتجارة، وفي عالم كله تجارة لا ميزان ولا مكيال فيها، أصبح السعداء يصيبهم الشقاء بسبب الأشقياء، وأصبح الأشقياء يصيبهم الشقاء بسبب السعداء، وأصبح العبيد للمادة لا حصر لهم، ترى ألا يشعر هؤلاء يوما بالحر؟ ربما تكون الرياح تسري عندهم داخل غرفهم وعلى شواطئهم وفي أيكاتهم، وربما يكون الظلال من حولهم في كل مكان. ولكن ألا يعلموا أن في كون الله ظلالا أخرى. لا مخبأ منها والحياة تحتها لا تدوم طويلا؟

(50) الميزان: 29 / 16.
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست