وتوفاه الله، اتجه القوم نحو رفض بشرية الرسول، وظهرت ثقافة دونها الكهنة عامودها الفقري. أن الآلهة حكموا الأرض من قديم الزمان، الآلهة لم يكن يراهم أحد، إلا أن أرواحهم وقوتهم تحيط بالأرض، ووفقا لهذا التصور أقاموا التماثيل لهؤلاء الآلهة الذين في تخيلاتهم، وتقربوا إليها وأقاموا لها المعابد، وبعد مدة من الزمان ادعى الفراعنة أمام قومهم بأنهم أبناء لهؤلاء الآلهة، وأنهم يجلسون فوق عروشهم بأمر منهم، وكان الفرعون خفرع هو أول من ادعى بنوته للإله " رع " (20)! وعلى سنته سار جميع الفراعنة وبمقتضى هذه البنوة كان للفراعنة الحق في امتلاك حل شئ على أرض مصر، لقد رفضوا النبوة في بداية الطريق، لأن النبي بشر ولا ينبغي أن يكون كذلك! وفي نهاية الطريق أصبح الذين رفضوا النبي بالأمس، أبناء آلهة! لتكون هذه البنوة فيما بعد مقدمة للجلوس في دائرة الآلهة. إن ثقافة رفض النبي البشر، قام الشيطان بتغذيتها حتى هضمتها الشعوب، وفي النهاية جاء بمن يجلس على الرقاب، ويقول بأن دماء الآلهة تجري في عروقه. وعلى هذا فهو نصف إنسان ونصف إله! وعلى الجميع السمع له والطاعة!
والفرعون خفرع لم يدع بنوته للإله رع بدون مقدمات، فمن قديم وأسطورة (أوزير) الذي أطلق عليه الإغريق فيما بعد (أوزوريس) تنخر في عقول المصريين، وكانت هذه الأسطورة هي الأساس الشرعي الذي استند عليه الفرعون خفرع في بنوته للإله، وخلاصة هذه الأسطورة أن أوزير كان إلها يحكم على الأرض، ولكن غريمه إله الشر (ست) قتله واستولى على ملكه، فقامت (أوزوريس) معشوقة أوزير بإعادة الإله المقتول إلى الحياة، وعندما عاد ضاجعها فحملت منه بالإله (حور) الذي أطلق عليه الإغريق اسم (حورس) وبدأ حور يقاتل ست من أجل استرداد حقوق أبيه. وفي نهاية المطاف استردها. وتنازل له الإله (أوزير) عن الحكم فوق الأرض، وذهب ليحكم تحت الأرض في عالم الأموات فهذه المقدمة شيدت في ذهن القوم إمكانية إنجاب الولد من الإله، ولقد بدأت ثقافة (أوزير) تنخر في العقول منذ بداية العصور التاريخية التي بدأت من القرن 32 قبل الميلاد حتى جاء الفرعون (خفرع) في عصر الدولة القديمة الذي