الطريق أمام العبادة الحقة. وتلاميذ إبليس على هذا الصراط هم المنافقون على امتداد التاريخ الإنساني. فالمنافق يسير على الصراط المستقيم بفقه الشعار وليس بفقه الشعور. وفقه الشعار لا يغني عنه من الله شيئا ولا يحق له أي فوز في موطئ قدم فوق الصراط المستقيم عند العرض على الله يوم القيامة. وعرقلة الطريق على الصراط المستقيم وفقا للخطة الشيطانية جاء في قول الله تعالى: (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم، ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) (17) قال المفسرون: أي لأجلسن لأجلهم على صراطك المستقيم وسبيلك السوي الذي يوصلهم إليك وينتهي بهم إلى سعادتهم. لما أن الجميع سائرون إليك سالكون لا محالة مستقيم صراطك. فالقعود على الصراط المستقيم كناية عن التزامه والترصد لعابريه ليخرجهم منه. وقوله: (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم...) الآية.
بيان لما يصنعه بهم. وقد كمن لهم قاعدا على الصراط المستقيم. وهو أنه يأتيهم من كل جانب من جوانبهم الأربعة... والمراد بما بين أيديهم: ما يستقبلهم من الحوادث أيام حياتهم. مما يتعلق به الآمال والأماني من الأمور التي تهواه النفوس وتستلذه الطباع. ومما يكرهه الإنسان ويخاف نزوله به. كالفقر يخاف منه لو أنفق المال في سبيل الله. أو ذم الناس ولومهم لو ورد سبيلا من سبل الخير والثواب.
والمراد بخلفهم: ناحية الأولاد والأعقاب. فللإنسان فيمن يخلفه بعده من الأولاد. أمال وأماني ومخاوف ومكاره. فإنه يخيل إليه. أنه يبقى ببقائهم.
فيجمع المال من حلاله وحرامه لأجلهم. ويعد لهم ما استطاع من قوة فيهلك نفسه في سبيل حياتهم والمراد باليمين: وهو الجانب القوي الميمون من الإنسان ناحية سعادتهم وهو الدين. وإتيانه من جانب اليمين أن يزين لهم المبالغة في بعض الأمور الدينية، والتكلف بما لم يأمرهم به الله. وهو الذي يسميه الله تعالى باتباع خطوات الشيطان. والمراد بالشمال: خلاف اليمين. وإتيانه منه أن يزين لهم الفحشاء والمنكر ويدعوهم إلى ارتكاب المعاصي واقتراف الذنوب واتباع الأهواء (18).