الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٢
شيئا. زوجتا أنبياء الله نوح ولوط عليهما السلام. لقد تزودت كل منهما بزاد من خيمة النفاق. فكان الزاد عليهما وبال وحسرة. ومن نفس الخيمة تزود تجار الأديان في بني إسرائيل الذين حرفوا الكلم عن مواضعه. ولحق بهم إخوانهم في عصر البعثة الخاتمة. الذين فضحهم القرآن في أكثر من موضع. وإذا كان تلاميذ الشيطان قد وضعوا العراقيل أمام العبادة الحقة. إلا أن هذه العبادة ظلت راسخة في نفوس المؤمنين بها. وفي كل عصر تنهار الأصنام وتسقط الطواغيت. في الوقت الذي تسير فيه طلائع النهار رافعة لأعلام الفطرة التي فيها خلاص الإنسان.
* بذور المتاجرة بالشهوات بعد أن دق الشيطان وتده في نفوس الجبابرة وأوهمهم بأن في عروقهم تجري دماء الآلهة. انطلقوا ليملأوا الأرض ظلما وقاست البشرية من الفراعنة والقياصرة والأكاسرة. وما من عصر من العصور إلا وعليه بصمة من بصمات هؤلاء رغم رحيلهم. وذلك لأن إبليس يوظف الانحراف في كل عصر بعد أن يضع عليه ملابس جديدة. وما حدث مع الجبابرة وفقا لأطروحة (أنا خير منه) يحدث مع جبابرة اللسان في عالم النفاق. فشذوذ النفاق لا يموت. ويوظف وفقا للتطور البشري. والانحراف وبشذوذ لا يموتان لأن الشيطان جعل لهما ركوبة تستقيم مع كل عصر. وهذه الركوبة صالحة للخاص والعام. للأمير وللخفير. للشريف وللحقير. والركوبة التي اعتمدها الشيطان تخضع لفقه التزيين والإغواء. فهذا الفقه وحده يحافظ على الشذوذ وينقله من عصر إلى عصر تحت حماية فقه الاحتناك.
وفقه التزيين والإغواء جاء في قوله: (قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين) (22) وفقه الاحتناك جاء في قوله: (قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتني إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا " (23) والفقه الأول يسير في حراسة الفقه الثاني. وفي تزيين الشيطان وإغوائه الناس قال المفسرون: قوله: (لأزينن لهم في الأرض) أي لأزينن لهم الباطل. أو

(22) سورة الحجر، الآية: 39.
(23) سورة الإسراء، الآية: 62.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 27 29 ... » »»
الفهرست