الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢١
فكل جهة من هذه الجهات لها في خيام النفاق أساتذة وعباقرة. مهمتهم تمييع القضايا وترقيع الحقائق يرقع الباطل. أو تزيين الباطل بلافتات الحق.
ليصلوا بالجميع إلى محطة لا يكون فيها الدين إلا اسما ولا يكون كتابه إلا رسما.
ووفقا لهذا لا يتحقق المقصود من قوله تعالى: (ليعبدون) وفقه الشعار الذي يعمل به أولياء الشيطان. أول من عمل به الشيطان نفسه. ثم ألقاه على عقولهم الصدئة في خيمة النفاق. ليعملوا به ضد البشرية ولكن بأسلوب آخر. واستعمال كالشيطان لفقه الشعار. جاء في قوله تعالى: (فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما. وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) (19) قال المفسرون: المقاسمة. المبالغة في القسم أي حلف لهما وأغلظ في حلفه أنه لهما لمن الناصحين. وروي عن أبي عبد الله قال لما خرج آدم من الجنة نزل عليه جبرائيل. فقال: يا آدم أليس خلقك الله بيده. ونفخ فيك من روحه.
وأسجد لك ملائكته. وزوجك حواء أمته. وأسكنك الجنة وأباحها لك. ونهاك مشافهة أن تأكل من هذه الشجرة. فأكلت منها وعصيت الله؟ فقال آدم: يا جبرائيل إن إبليس حلف لي بالله أنه لي ناصح. فما ظننت أن أحدا من خلق الله يحلف بالله كذبا (20) وقال في المجمع: أن الله تعالى خلق آدم حجة في أرضه.
ولم يخلقه للجنة. وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض. وعصمته يجب أن تكون في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز وجل. فلما أهبط إلى الأرض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (21)).
والشيطان استعمل فقه الرمز في البداية. ولكن الله عصم آدم في النهاية.
ثم قام الشيطان بتوسيع هذا الفقه داخل خيمة الانحراف ليتزود منه كل من لم يدخل الإيمان قلبه. لتزل أقدامهم إلى مهابط المغضوب عليهم أو الضالين.
ومن الذين عملوا بفقه الشعار على الصراط المستقيم ولم تغني عنهم أعمالهم

(19) سورة الأعراف، الآيتان: 20 - 21.
(20) الميزان: 61 / 8.
(21) سورة آل عمران، الآية: 33.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 27 ... » »»
الفهرست