الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٢٠
وكبيرهم فلم يبق لهم ناعقة ولا رعية ولا شئ إلا أهلكه الله، فأصبحوا في ديارهم موتى، وأرسل الله تعالى إليهم مع الصيحة نار من السماء فأحرقتهم أجمعين (86).
قد ذكر الله تعالى أن سبب هلاكهم أنهم أخذتهم الرجفة فقال تعالى:
(فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين) (87) وفي موضع آخر قال سبحانه: (وأخذ الذين ظلموا الصيحة) (88) وفي موضع ثالث قال سبحانه:
(فأخذتهم صاعقة العذاب الهون) (89) والرجفة والصيحة والصاعقة دثار واحد لعذاب واحد أحاط بالظالمين من كل مكان وهذا العذاب عنوانه العريض هو الدمدمة. يقول تعالى: (فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها * فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها * ولا يخاف عقباها) (90) والدمدمة على الشئ: الإطباق عليه. يقال مثلا: دمدم عليه القبر. أي أطبقه عليه.
والدمدمة على ثمود أي شملهم الله بعذاب يقطع دابرهم بسبب ذنبهم. فسوى الدمدمة بينهم. فلم يفلت منهم قوي ولا ضعيف ولا كبير ولا صغير. وتحت عنوان الدمدمة تكون الصواعق التي لا تخلو عن صيحة هائلة تقارنها ومع هذا وذاك ترتجف الأرض نتيجة لملامسة الاهتزاز الجوي الشديد لها، ونتيجة لذلك توجف القلوب. وترتعد الأركان، فثمود جاء إليها العذاب الأليم من تحت دثار الدمدمة، عذاب تحمله صاعقة سماوية اقتربت الصيحة هائلة ورجفة في الأرض وفي قلوبهم. فأصبحوا في دارهم وفي بلدهم جاثمين ساقطين على وجوههم وركبهم، لقد ضربتهم صيحة واحدة أصبحوا بعدها كالشجر اليابس كما أصبحت . عاد من قبل كجذوع نخل خاوية. يقول تعالى: (إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر) (91) أصبح العتاة وفقهاء الجبابرة كالشجر اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته.. إنه عدل الله، لقد عقروا ناقة الله،

(86) الميزان: 316 / 10.
(87) سورة الأعراف، الآية: 78.
(88) سورة هود، الآية: 67.
(89) سورة فصلت، الآية: 17.
(90) سورة الشمس، الآيات: 13 - 15.
(91) سورة القمر، الآية: 31.
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 125 126 ... » »»
الفهرست