الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٢٩
الملك إبراهيم في ربه. فقال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت، فغالطه الملك وقال: أنا أحي وأميت! أحضر من يستحق القتل وأطلق سراحه. فحاجه إبراهيم بأصرح ما يقطع مغالطته فقال: إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب. فبهت الذي كفر كما جاء في سورة البقرة. ولما أنجاه الله من النار أخذ عليه السلام يدعو إلى الدين الحنيف دين التوحيد. فآمن له فئة قليلة. وقد سمى الله تعالى منهم لوطا. ومنهم زوجته التي هاجر بها. ثم تبرأ عليه السلام هو ومن معه من المؤمنين من قومهم. وتبرأ هو من آزر الذي كان يدعوه أبا. ولم يكن بوالده الحقيقي. بل كان عمه (9). وهاجر عليه السلام ومن معه وعلى رأسهم لوط إلى الأرض المقدسة. ليدعو الله سبحانه من غير معارض يعارضه من قومه الجفاة الظالمين (10) يقول تعالى: (ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين) (11).
وأثنى الله تعالى على إبراهيم في كتابه أجمل ثناء، وكرر ذكر اسمه في نيف وستين موضعا من كتابه. وإبراهيم اتخذه الله خليلا (سورة النساء، الآية: 125) وكان صديقا نبيا (سورة مريم، الآية: 41) وجعله الله للناس إماما (سورة البقرة، الآية: 124) وآتاه الله العلم والحكمة والكتاب والملك والهداية وجعلها كلمة باقية في عقبه (سورة النساء، الآية: 54، سورة الأنعام، الآيات: 74 - 90، سورة الزخرف، الآية: 28) وجعل له لسان صدق في الآخرين (سورة الشعراء، الآية: 84 سورة مريم، الآية: 50) فهذه بعض من المنح التي منحها الله تعالى لإبراهيم عليه السلام. الذي رفع لواء الفطرة في عالم أقام دوائر للشذوذ في كل مكان ووضع حول هذه الدوائر عساكره وخيوله للصد عن

(9) الدليل على أن آزر لم يكن والده أن إبراهيم عليه السلام تبرأ من آزر في أوائل دعوته كما جاء في سورة التوبة، الآية: 114. ثم استغفر عليه السلام لوالديه وهو على كبر في آخر عهده فقال: (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) سورة إبراهيم، الآية: 4. وآذر كان عم إبراهيم وليس والده. والعم يطلق عليه لفظ الأب كما في قوله تعالى: (نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق) ومعلوم أن إسماعيل كان عما ليعقوب وقد أطلق عليه لفظ الأب.
(10) الميزان: 215 / 7.
(1) سورة الأنبياء، الآية: 71.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست