كانوا يكسبون) (94) لقد جرى عليهم العذاب وفق ما يأذن به الله. وبينما كانت الدمدمة تحيط بهم من كل جانب. كان صالح عليه السلام ومن معه لا يخافون، لأنهم في رحاب الرحمة وداخل دائرة الأمن التي لا يشملها الغضب الإلهي (وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا قي ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمودا كفروا ربهم ألا بعدا لثمود) (95) (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون) وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون) (96).
وذهبت ثمود. بعد أن جعلها الله عبرة لكل من يعرض عن آيات الله. لقد كانت الناقة بينهم وتعيش على أرضهم وتنفعهم ولا تضرهم. ولكن قلوب الحجر التي في الصدور أعرضت عن آيات الله. فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون إن وجود آية بين الناس حجة بالغة. وقتل هذه الآية جريمة من أعظم الجرائم يترتب عليها فتح أبواب الفتن وأبواب العقاب. لقد ذهبت ثمود ومن بعدها جاءت أمم أخذت منها سلاحها وأقوالها وأفعالها. ثم قامت بتطوير هذه الأدوات وهذه الثقافات وفقا للعصور التي ابتليت بهم. وقامت هذه الأمم ببناء أكثر من جرف صخري وراء جدر النفس من أجل الصد عن سبيل الله، ولكن تحت السماء لا يفر الظالمون.. واللسان والقلم في كل عصر مستعدان دوما لأن يحكيان القصة الأخيرة عند المحطة الأخيرة لهذه الأمم. لأن سقوط الباطل علامة من علامات الحق. فالباطل طارئ لا أصالة له في الوجود. والباطل مطارد من الله. ولا بقاء لشئ يطارده الله. إن الباطل مهزوم مهزوم. ولن تبقى إلا آثاره التي تفوح بالأبخرة النتنة الكريهة تلك الأبخرة التي أنتجها الضمير الآثم على مر العصور.