وقال له: أعصر ماءه بيدك، ففعل، وسقاه المأمون الرضا بيده فشربه، وكان ذلك سبب وفاته، ولم يلبث إلا يومين، حتى مات عليه السلام.
وروي عن أبي الصلت الهروي، أنه دخل علي الرضا، عليه السلام، بعد ذلك، فقال له: يا أبا الصلت: قد فعلوها، أي سقوني السم.
وروي عن محمد بن الجهم: أن الرضا عليه السلام كان يعجبه العنب، فأخذ له عنب، وجعل في موضع الابر، فتركت أياما، فأكل منه في علته فقتله، وذكر أن ذلك من لطيف السموم.
ولما توفي الرضا لم يظهر المأمون موته في وقته، وتركه يوما وليلة، ثم وجه إلى محمد بن جعفر بن محمد، وجماعة من آل أبي طالب، فلما أحضرهم أراهم إياه، صحيح الجسد، لا أثر له، بكى، وقال: " عز علي يا أخي أن أراك في هذه الحالة، وقد كنت أؤمل أن أكون قبلك، فأبى الله إلا ما أراد "، وأظهر جزعا شديدا، وحزنا كثيرا، وخرج مع جنازته يحملها حتى أبى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن، فدفنه هناك إلى جانب أبيه هارون الرشيد (1).
ويروي اليعقوبي عن أبي الحسن بن أبي عباد قال: رأيت المأمون يمشي في جنازة الرضا، حاسرا في مبطنة بيضاء، وهو بين قائمتي النعش يقول: " إلى من أروح بعدك يا أبا الحسن، وأقام عند قبره ثلاثة أيام، يؤتى في كل يوم برغيف وملح فيأكله، ثم انصرف في اليوم الرابع، وكان سن الرضا أربعا وأربعين سنة (2).
وفي رواية المسعودي: وفي خلافته (أي المأمون) قبض علي بن موسى