الأمر كذلك، فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل، على: أن لا آمر، ولا أنهى، ولا أقضي، ولا أغير شيئا، فأجابه المأمون إلى ذلك.
وهكذا أراد المأمون أن يري الناس أن الإمام الرضا راغب في الدنيا بقبوله، ولاية العهد، فيسقط محله في قلوبهم، ولكن ما زاده ذلك إلا رفعة وعظمة عندهم، ولما أعيت المأمون الحيل في أمر الرضا اغتاله بالسم.
ومن ثم، فإن موقف المأمون من الإمام الرضا، كموقف أبيه الرشيد من الإمام الكاظم، وموقف جده " المنصور " من الإمام الصادق، وموقف معاوية بن أبي سفيان من الإمام الحسن، لقد هانت دماء الأبرياء والأولياء على حكام الجور من أجل الملك والسلطان، وهانت على المصلحين نفوسهم من أجل الحق (1).
ويروي الحافظ ابن كثير القصة كالتالي: وبايع المأمون لعلي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب، أن يكون ولي العهد من بعده، وسماه " الرضا من آل محمد "، وطرح لبس السواد، وأمر بلبس الخضرة، فلبسها هو وجنده، وكتب بذلك إلى الآفاق، وكانت مبايعته له يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان، سنة إحدى ومائتين، وذلك أن المأمون رأى أن عليا الرضا خير أهل البيت، وليس في بني العباس مثله في عمله ودينه، فجعله ولي عهده من بعده (2).
ويروي الإمام الطبري (3): أن علي الرضا لما قدم " مرو " أحسن المأمون وفادته، وجمع رجال دولته وأخبرهم أنه قلب نظره في أولاد العباس، وأولاد