4 - الإمام الرضا والمأمون:
كان الخليفة المأمون (198 - 218 ه / 813 - 823 م) مولعا بالسماع إلى العلماء، وجدالهم ونقاشهم، فكان يجمع له العلماء والفقهاء والمتكلمين، من جميع الأديان، فيسألونه، ويجيب الواحد تلو الآخر، حتى لم يبق أحد منهم، إلا اعتراف بالفضل، وأقر على نفسه بالقصور، حتى قيل أن أحد العلماء - وهو محمد بن عيسى اليقطيني - جمع من مسائل الإمام الرضا أمامه، وأجوبتها حوالي 18 ألف مسألة -.
هذا وفي كتب الشيعة الكثير من هذه المسائل، ومنها:
أن المأمون سأل الإمام الرضا فقال: يا ابن رسول الله، إن الناس يروون عن جدك (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: خلق الله آدم على صورته، فما رأيك؟.
قال الإمام: إنهم حذفوا أول الحديث الذي يدل على آخره، وهذا هو الحديث كاملا: " مر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، برجلين يتسابان، ويقول أحدهما للآخر:
قبح الله وجهك، ووجها يشبهك فقال النبي (صلى الله عليه وسلم)، للساب: لا تقل هذا، فإن الله خلق آدم على صورته، أي على صورة من تشتمه، وعليه يكون شتمك لخصمك هذا، شتم لآدم عليه السلام.
ومنها: أنه سئل: أين كان الله؟ وكيف كان؟ وعلى أي شئ يعتمد؟.
فقال: إن الله تعالى كيف الكيف، فهو بلا كيف، وأين الأين فهو بلا أين، وكان اعتماده على قدرته.
ومعنى جواب الإمام: أن الله خلق الزمان، وخلق الأحوال، فلا زمان له ولا حال، وغني عن كل شئ، فلا يعتمد على شئ، غير ذاته بذاته.
ومنها: أنه سئل: عن معنى إرادة الله، فقال: هو فعله لا غير، ذلك أن يقول للشئ: كن فيكون، بلا لفظ ولا نطق لسان، ولا همة ولا تفكر، ولا يكف كذلك، ولا كما.