فأرسلهما إلى علي بن موسى الرضا، فعرضا ذلك عليه فأبى، فتهدداه وتهدده المأمون حتى قبل، وحين أجلسه للبيعة جعل ابنه العباس أول المبايعين " (1).
ومن الواضح من هذا النص أن المأمون كانت له رغبة حقيقية في اختيار ولي عهده من آل أبي طالب، وأن فكره قد اتجه إلى " علي الرضا " فأنزله في دار مستقلة، وأن معارضة الحسن بن سهل ربما كانت من تدبير أخيه الفضل حتى يبعدا عن نفسيهما تهمة التأثير على المأمون في هذا الأمر الخطير، وربما كانت فكرة اختيار أحد العلويين فكرتهما في الأصل، وأن اختيار الإمام الرضا إنما كان اختيار المأمون وحده، ومن المعروف أن هناك ودا غير متبادل بين الإمام الرضا وبين الفضل والحسن ابني سهل، وقد نجح الإمام الرضا في إزالة الغشاوة عن عيني المأمون من ناحيتهما، وتبصيره بما كان يحاول الفضل إخفاءه عنه من أحوال البلاد المضطربة حتى أنهم بايعوا عمه " إبراهيم بن المهدي " خليفة بدله، وبدا المأمون وكأنه يسمع ذلك لأول مرة، حتى رد على الإمام الرضا قائلا: " إنهم لم يبايعوا له بالخلافة، وإنما صيروه أميرا يقوم بأمرهم "، بل وأخبر الإمام الرضا عن الحرب التي تدور رحاها بين إبراهيم و " الحسن بن سهيل "، وأن الناس تكره مقام الفضل وأخيه من المأمون (2).
ولنقدم الآن صورة مختصرة من كتاب العهد الذي كتبه المأمون بخطه للإمام علي الرضا - كما جاء في كتاب الفصول المهمة:
" بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب كتبه عبد الله بن هارون الرشيد، لعلي بن موسى بن جعفر، ولي عهده، أما بعد، فإن الله عز وجل، اصطفى الإسلام دينا، واختار له من عباده رسلا، دالين عليه، هادين إليه، يبشر أولهم بآخرهم، ويصدق تاليهم ماضيهم، حتى انتهت نبوة الله تعالى إلى محمد (صلى الله عليه وسلم)،