سبحانك ربي جل جلالك: أسير لا يملك حولا ولا قوة، ينظر إلى آسره فيرتعد خوفا وفزعا، ولا تفسير لذلك، إلا هيبة الإمام، وإلا الرياسة الحقة التي تفرض نفسها على الناس أجمعين.
هكذا فإن من ينقطع إلى الله - سبحانه وتعالى - تهابه الملوك والجبابرة، وقد جاء في الحديث الشريف: " إن المؤمن يخشع له كل شئ، وأن من يخاف الله يخاف منه كل شئ، حتى هوام الأرض وسباعها، وطيور السماء) (1).
3 - من تفسيره للقرآن الكريم:
قال الإمام العسكري في تفسيره لقول الله تعالى: (الذي جعل لكم الأرض فراشا، والسماء بناء، وأنزل من السماء ماء، فأخرج به من الثمرات رزقا لكم، فلا تجعلوا لله أندادا، وأنتم تعلمون) (2).
قال: إن معنى جعل الأرض فراشا، أنها ملائمة لطباعكم، موافقة لأجسادكم، ولم يجعلها شديدة الحرارة فتحرقكم ولا شديدة البرودة فتجمدكم، ولا قوية الريح فتصدع هامكم، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في الحرث والبناء والحفر، ولكنه - سبحانه وتعالى - جعلها من المتانة ما تنتفعون به، وجعل فيها من اللين ما تنقاد لحرثكم، وكثير من منافعكم.
وأما معنى السماء بناء، فهو حفظها بالشمس والقمر والنجوم، وانتفاع الناس بها.
ثم أنزل المطر من علو، ليبلغ الجبال والتلال، والهضاب والوهاد، وفرقه رذاذا ووابلا وطلا، لتنتفع الأشجار والزرع والثمار، ثم رتب الله - سبحانه