نطفة ثم سواك رجلا، لكنا هو الله ربي، ولا أشرك بربي أحدا) (1).
قلت: إن ذلك صاحب كان كافرا، وأبو بكر مؤمن قال: فإذا أجاز أن ينسب إلى صحبة من رضيه كافرا، جاز أن ينسب إلى صحبة نبيه مؤمنا، وليس بأفضل المؤمنين، ولا الثاني ولا الثالث.
قلت: يا أمير المؤمنين، إن قدر الآية عظيم، إن الله تعالى يقول: (ثاني اثنين إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا).
قال: يا إسحاق، تأبى الآن إلا أن أخرج إلى الاستقصاء عليك، أخبرني عن حزن أبي بكر، أكان رضا أم سخطا؟.
قلت: إن أبا بكر إنما حزن من أجل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، خوفا عليه وغما أن يصل إلى رسول الله شئ من المكروه.
قال: ليس هذا جوابي، إنما كان جوابي أن تقول: رضا أم سخطا.
قلت: بل كان رضا لله. قال: فكأن الله جل ذكره بعث إلينا رسولا ينهى عن رضا الله عز وجل، وعن طاعته.
قلت: أعوذ بالله. قال: أوليس قد زعمت أن حزن أبي بكر رضا لله؟
قلت: بلى.
قال: أولم تجد أن القرآن يشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: " لا تحزن "، نهيا له عن الحزن؟.
قلت: أعوذ بالله. قال: يا إسحاق، إن مذهبي الرفق بك، لعل الله يردك إلى الحق، ويعدل بك عن الباطل، لكثرة ما تستعيذ به.