الرضا مسموما بطوس، ودفن هناك، وهو يومئذ ابن تسع وأربعين سنة، وستة أشهر، وقيل غير ذلك (1).
ولعل من الجدير بالإشارة أن الشيعة لا تجد تناقضا بين أن يجد الرضا كل هذه الحظوة لدى المأمون حين بايع له بولاية العهد، وزوجه أخته (الصحيح ابنته)، وبين أن يدس له المأمون السم في العنب، ثم يصلي عليه، ويدفنه بجوار قبر أبيه الرشيد في مشهده بطوس، فقد أصبح مقدرا على الأئمة - منذ الإمام الحسين بن علي - أن يكون قاتلوهم هم الخلفاء، أو بإيعاز منهم (2).
هذا ولما كان الإمام علي الرضا مات شهيدا، فقد أقيمت حول قبره مدينة جديدة يعيش فيها زوار قبر الإمام، والمتبركون به، سميت " المشهد الرضوي " أو " مشهد " والتي أخذت بالتدريج تأخذ مكان مدينة " طوس " القديمة، حتى قضت عليها، وغدت تمثل الآن أكبر عتبات الشيعة المقدسة - بجوار كربلاء والنجف - وهكذا يحق للشيعة أن يذكروا أن مدفن الإمام علي الرضا في طوس - والذي يعد من أكبر مزارات الشيعة بجوار مدفن هارون الرشيد - وهو من كان في عليائه وجبروته، وذيوع صيته، حتى فاقت شهرته جميع الخلفاء - يحق للشيعة أن يذكروا أن قبر الرشيد هذا، إنما قد اندرس، وأهمل شأنه، بينما ظهر قبر الإمام الرضا، يقصده زوار الشيعة، ومحبي آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، من أطراف البلاد، وشاسع الأمصار، وهكذا يعلو شأن الأئمة الروحيين بعد مماتهم، بينما لا يعار سلاطين الأرض، أدنى اهتمام منذ اللحظة التي توارى فيها أجسادهم التراب (3).
وروى ابن خلكان (4) (608 - 681 ه) أن بعض أصحاب أبي نواس